فيه خلاف : قال بعضهم إنه هو الإمام أو من يلي من قبله، وذلك لأن تنفيذ الأحكام الشرعية إليه، وقال آخرون : المراد كل واحد من صالحي الأمة وذلك لأن قوله :﴿خِفْتُمْ﴾ خطاب للجميع وليس حمله على البعض أولى من حمله على البقية، فوجب حمله على الكل، فعلى هذا يجب أن يكون قوله :﴿فَإِنْ خِفْتُمْ﴾ خطابا لجميع المؤمنين.
ثم قال ﴿فابعثوا﴾ فوجب أن يكون هذا أمراً لآحاد الأمة بهذا المعنى، فثبت أنه سواء وجد الإمام أو لم يوجد، فللصالحين أن يبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها للإصلاح.
وأيضا فهذا يجري مجرى دفع الضرر، ولكل أحد أن يقوم به. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٧٥﴾
وقال القرطبى :
الجمهور من العلماء على أن المخاطب بقوله :"وَإنْ خِفْتُمْ" الحُكّامُ والأُمراء.
وأن قوله :﴿ إِن يُرِيدَآ إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَآ ﴾ يعني الحكمين ؛ في قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما.
أي إن يرد الحكمان إصلاحاً يُوفّق الله بين الزوجين.
وقيل : المراد الزوجان ؛ أي إن يرد الزوجان إصلاحاً وصِدقاً فيما أخبرا به الحكمين ﴿ يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَآ ﴾.
وقيل : الخطاب للأولياء.
يقول :﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ ﴾ أي علمتم خِلافاً بين الزوجين ﴿ فابعثوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ ﴾ والحكمان لا يكونان إلا من أهل الرجل والمرأة ؛ إذ هما أقعد بأحوال الزوجين، ويكونان من أهل العدالة وحسن النظر والبصر بالفقه.
فإن لم يُوجد من أهلهما مَن يصلح لذلك فيُرسِل من غيرهما عدلين عالِمين ؛ وذلك إذا أشكل أمرهما ولم يُدْرَ مِمن الإساءة منهما.
فأمّا إن عرِف الظالم فإنه يؤخذ له الحق من صاحبه ويُجبر على إزالة الضرر.