والثاني : أن المعنى : هو أن المرأة إنما تكون حافظة للغيب بسبب حفظهن الله أي بسبب حفظهن حدود الله وأوامره، فإن المرأة لولا أنها تحاول رعاية تكاليف الله وتجتهد في حفظ أوامره لما أطاعت زوجها، وهذا الوجه يكون من باب إضافة المصدر إلى المفعول. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٧٢﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
والفاء في قوله :﴿ فالصالحات ﴾ للفصيحة، أي إذا كان الرجال قوّامين على النساء فمن المهمّ تفصيل أحوال الأزواج منهنّ ومعاشرتهنّ أزواجهنّ وهو المقصود، فوصف الله الصالحات منهن وصفا يفيد رضاه تعالى، فهو في معنى التشريع، أي ليَكُنَّ صالحات.
والقانتات : المطيعات لله.
والقنوت : عبادة الله، وقدّمه هنا وإن لم يكن من سياق الكلام للدلالة على تلازم خوفهنّ الله وحفظ حقّ أزواجهنّ، ولذلك قال :﴿ حافظات للغيب ﴾، أي حافظات أزواجهنّ عند غيبتهم.
وعلّق الغيب بالحفظ على سبيل المجاز العقلي لأنّه وقته.
والغيب مصدر غاب ضدّ حضر.
والمقصود غيبة أزواجهنّ، واللام للتعدية لضعف العامل، إذ هو غير فِعل، فالغيب في معنى المفعول، وقد جعل مفعولا للحفظ على التوسّع لأنّه في الحقيقة ظرف للحفظ، فأقيم مقام المفعول ليشمل كلّ ما هو مظنّة تخلّف الحفظ في مدّته : من كلّ ما شأنه أن يحرسه الزوج الحاضر من أحوال امرأته في عرضه وماله، فإنّه إذا حضر يكون من حضوره وازعان : يزعها بنفسه ويَزعها أيضاً اشتغالها بزوجها، أمّا حال الغيبة فهو حال نسيان واستخفاف، فيمكن أن يبدو فيه من المرأة ما لا يرضي زوجها إن كانت غير صالحة أو سفيهة الرأي، فحصل بإنابة الظرف عن المفعول إيجاز بديع، وقد تبعه بشّار إذ قال :
ويصُون غَيْبَكُم وإن نَزَحا...


الصفحة التالية
Icon