والباء في ﴿ بما حفظ الله ﴾ للملابسة، أي حفظا ملابساً لما حفظ الله، و( ما ) مصدرية أي بحفظِ اللَّهِ، وحفظُ اللَّه هو أمره بالحفظ، فالمراد الحفظ التكليفي، ومعنى الملابسة أنهنّ يحفظن أزواجهنّ حفظاً مطابقاً لأمر الله تعالى، وأمرُ الله يرجع إلى ما فيه حقّ للأزواج وحدهم أو مع حقّ الله، فشمل ما يكرهه الزوج إذا لم يكن فيه حرج على المرأة، ويخرج عن ذلك ما أذن الله للنساء فيه، كما أذن النبي ﷺ هندا بنت عتبة : أن تأخذ من مال أبي سفيان ما يكفيها وولدَها بالمعروف.
لذلك قال مالك : إنّ للمرأة أن تُدْخِل الشهود إلى بيت زوجها في غيبته وتشهدهم بما تريد وكما أذن لهن النبي أن يخرجن إلى المساجد ودعوة المسلمين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١١٥ ـ ١١٦﴾
قوله تعالى ﴿واللاتى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ﴾
فصل
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ واللاتي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ﴾ اللاتي جمع التي وقد تقدّم.
قال ابن عباس : تخافون بمعنى تعلمون وتتيقَّنون.
وقيل هو على بابه.
والنُّشوز العصيان ؛ مأخوذ من النَّشْز، وهو ما ارتفع من الأرض.
يقال : نَشَز الرجل يُنشز وينشز إذا كان قاعداً فنهض قائماً ؛ ومنه قوله عز وجل :﴿ وَإِذَا قِيلَ انشزوا فَانشُزُواْ ﴾ [ المجادلة : ١١ ] أي ارتفعوا وانهضوا إلى حرب أو أمر من أمور الله تعالى.
فالمعنى : أي تخافون عِصيانهن وتعاليهن عما أوجب الله عليهن من طاعة الأزواج.
وقال أبو منصور الُّلغَوِي : النشوز كراهيةُ كلِّ واحد من الزوجين صاحبَه ؛ يقال : نشزت تنشِز فهي ناشِز بغير هاء.
ونَشَصت تنشص، وهي السيئة للعشرة.
وقال ابن فارس : ونشزت المرأة استصعبت على بعلها، ونشز بعلها عليها إذا ضربها وجفاها.