فصل


قال الآلوسى
﴿ واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ﴾ كلام مبتدأ مسوق للإرشاد إلى خلال مشتملة على معالي الأمور إثر إرشاد كل من الزوجين إلى المعاملة الحسنة، وإزالة الخصومة والخشونة إذا وقعت في البين وفيه تأكيد لرعاية حق الزوجية وتعليم المعاملة مع أصناف من الناس، وقدم الأمر بما يتعلق بحقوق الله تعالى لأنها المدار الأعظم، وفي ذلك إيماء أيضاً إلى ارتفاع شأن ما نظم في ذلك السلك، والعبادة أقصى غاية الخضوع، و﴿ شَيْئاً ﴾ إما مفعول به أي لا تشركوا به شيئاً من الأشياء صنماً كان أو غيره، فالتنوين للتعميم.
واختار عصام الدين كونه لتحقير ليكون فيه توبيخ عظيم أي لا تشركوا به شيئاً حقيراً مع عدم تناهي كبريائه إذ كل شيء في جنب عظمته سبحانه أحقر حقير ونسبة الممكن إلى الواجب أبعد من نسبة المعدوم إلى الموجود إذ المعدوم إمكان الموجود، وأين الإمكان من الوجوب ؟ ضدان مفترقان أيّ تفرق، وإما مصدر أي لا تشركوا به عز شأنه شيئاً من الإشراك جلياً أو خفياً، وعطف النهي عن الإشراك على الأمر بالعبادة مع أن الكف عن الإشراك لازم للعبادة بذلك التفسير إذ لا يتصور غاية الخضوع لمن له شريك ضرورة أن الخضوع لمن لا شريك له فوق الخضوع لمن له شريك للنهي عن الإشراك فيما جعله الشرع علامة نهاية الخضوع، أو للتوبيخ بغاية الجهل حيث لا يدركون هذا اللزوم كذا قيل : ولعل الأوضح أن يقال : إن هذا النهي إشارة إلى الأمر بالإخلاص فكأنه قيل : واعبدوا الله مخلصين له ويؤل ذلك كما أومأ إليه الإمام إلى أنه سبحانه أمر أولاً بما يشمل التوحيد وغيره من أعمال القلب والجوارح ثم أردفه بما يفهم منه التوحيد الذي لا يقبل الله تعالى عملاً بدونه فالعطف من قبيل عطف الخاص على العام. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٢٨﴾


الصفحة التالية
Icon