وقال ابن عاشور :
﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾
عطف تشريع يختصّ بالمعاملة مع ذوي القربى والضعفاء، وقُدّم له الأمرُ بعبادة الله تعالى وعدممِ الإشراك على وجه الإدماج، للاهتمام بهذا الأمر وأنّه أحقّ ما يتوخّاه المسلم، تجديداً لمعنى التوحيد في نفوس المسلمين كما قُدّم لذلك في طالع السورة بقوله :﴿ اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ﴾ [ النساء : ١ ].
والمناسبة هي ما أريد جمعه في هذه السورة من أحكام أواصر القرابة في النسب والدين والمخالطة.
والخطاب للمؤمنين، قُدّم الأمر بالعبادة على النهي عن الإشراك، لأنّهم قد تقرّر نفي الشرك بينهم وأريد منهم دوام العبادة لله، والاستزادة منها، ونُهُوا عن الشرك تحذيراً ممّا كانوا عليه في الجاهلية.
ومجموع الجملتين في قوة صيغة حصْر ؛ إذ مفاده : اعبدوا الله ولا تعبدوا غيره فاشتمل على معنى إثبات ونفي، كأنّه قيل : لا تعبدوا إلاّ الله.
والعدول عن طريق القصر في مثل هذا طريقة عربية جاء عليها قول السموأل، أو عبدِ الملك بن عبد الرحيم الحَارثي :
تَسيلُ على حَدّ الظُّبَاتتِ نُفُوسُنا...
وليستْ على غَيْرِ الظُّبَات تَسيل


الصفحة التالية
Icon