قوله تعالى ﴿وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً ﴾
فصل
قال الفخر :
المعنى : أن الشيطان قرين لأصحاب هذه الأفعال كقوله :﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [ الزخرف : ٣٦ ] وبين تعالى أنه بئس القرين، إذ كان يضله عن دار النعيم ويورده نار السعير وهو كقوله :﴿وَمِنَ الناس مَن يجادل فِى الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شيطان مَّرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إلى عَذَابِ السعير﴾ [ الحج : ٣، ٤ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨١﴾
وقال أبو حيان :
﴿ ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً ﴾ لما ذكر تعالى من اتصف بالبخل والأمر به، وكتمان فضل الله تعالى، والإنفاق رئاء، وانتفاء إيمانه بالله وباليوم الآخر، ذكر أن هذه من نتائج مقارنة الشيطان ومخالطته وملازمته للمتصف بذلك، لأنها شر محض، إذ جمعت بين سوء الاعتقاد الصادر عنه الإنفاق رئاء، وسائر تلك الأوصاف المذمومة.
ولذلك قدم تلك الأوصاف وذكر ما صدرت عنه وهو انتفاء الإيمان بالموجد، وبدار الجزاء.
ثم ذكر أنّ ذلك من مقارنة الشيطان.
والقرين هنا فعيل بمعنى مفاعل، كالجليس والخليط أي : المجالس والمخالط.
والشيطان هنا جنس لا يراد به إبليس وحده وهو كقوله :﴿ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين ﴾ وله متعلق بقريناً أي : قريناً له.
والفاء جواب الشرط، وساء هنا هي التي بمعنى بئس للمبالغة في الذم، وفاعلها على مذهب البصريين ضمير عام، وقريناً تمييز لذلك الضمير.
والمخصوص بالذمّ محذوف وهو العائد على الشيطان الذي هو قرين، ولا يجوز أن يكون ساء هنا هي المتعدية ومفعولها محذوف وقريناً حال، لأنها إذ ذاك تكون فعلاً متصرفاً فلا تدخله الفاء، أو تدخله مصحوبة بقد.