من فوائد ابن عطية فى الآية
قال رحمه الله :
وقوله تعالى :﴿ والذين ينفقون ﴾ الآية - قال الطبري :﴿ الذين ﴾ في موضع خفض عطف على الكافرين، ويصح أن يكون في موضع رفع عطفاً على ﴿ الذين يبخلون ﴾ على تأويل : من رآه مقطوعاً ورأى الخبر محذوفاً، وقال : إنها نزلت في اليهود، ويصح أن يكون في موضع رفع على العطف وحذف الخبر، وتقديره : بعد اليوم الآخر معذبون، وقال مجاهد : نزلت هذه الآية في اليهود، قال الطبري : وهذا ضعيف، لأنه نفى عن هذه الصفة الإيمان بالله واليوم الآخر، واليهود ليسوا كذلك.
قال القاضي أبو محمد : وقول مجاهد متجه على المبالغة والإلزام، إذا إيمانهم باليوم الآخر كلا إيمان، من حيث لا ينفعهم، وقال الجمهور : نزلت في المنافقين، وهذا هو الصحيح، وإنفاقهم : هو ما كانوا يعطون من زكاة، وينفقون في السفر مع رسول الله ﷺ، " رياء " ودفعاً عن أنفسهم، لا إيماناً بالله، ولا حباً في دينه ﴿ ورثاء ﴾ نصب على الحال من الضمير في ﴿ ينفقون ﴾ والعامل ﴿ ينفقون ﴾ ويكون قوله :﴿ ولا يؤمنون ﴾ في الصلة، لأن الحال لا تفرق إذا كانت مما هو في الصلة، وحكى المهدوي : أن الحال تصح أن تكون من ﴿ الذين ﴾ فعلى هذا يكون ﴿ ولا يؤمنون ﴾ مقطوعاً ليس من الصلة، والأول أصح، وما حكى المهدوي ضعيف، ويحتمل أن يكون ﴿ ولا يؤمنون ﴾ في موضع الحال، أي : غير مؤمنين، فتكون الواو واو الحال.
و" القرين " : فعيل بمعنى فاعل، من المقارنة وهي الملازمة والاصطحاب، وهي هاهنا مقارنة مع خلطة وتواد، والإنسان كله يقارنه الشيطان، لكن الموفق عاص له، ومنه قيل لما يلزمان الإبل والبقر قرينان، وقيل للحبل الذي يشدان به : قرن، قال الشاعر :[ البسيط ]
كَمُدْخِلٍ رأَسَهُ لَمْ يُدْنِهِ أَحَدٌ... بَيْنَ القَرِينَيْنِ حَتّى لزَّهُ الْقَرَنُ