فصل
قال الفخر :
النوع الثالث : قوله :﴿وبالوالدين إحسانا﴾ واتفقوا على أن ههنا محذوفا، والتقدير : وأحسنوا بالوالدين إحسانا كقوله :﴿فَضَرْبَ الرقاب﴾ [ محمد : ٤ ] أي فاضربوها، ويقال : أحسنت بفلان، وإلى فلان.
قال كثير :
أسيئى بنا أو أحسنى لا ملومة.. لدنيا ولا مقلية إن تقلت
واعلم أنه تعالى قرن إلزام بر الوالدين بعبادته وتوحيده في مواضع : أحدها : في هذه الآية، وثانيها : قوله :﴿وقضى رَبُّكَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إلاّ إياه وبالوالدين إحسانا﴾ [ الإسراء : ٢٣ ] وثالثها : قوله :﴿أَنِ اشكر لِى ولوالديك إِلَىَّ المصير﴾ [ لقمان : ١٤ ] وكفى بهذا دلالة على تعظيم حقهما ووجوب برهما والاحسان اليهما.
ومما يدل على وجوب البر اليهما قوله تعالى :﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾ [ الإسراء : ٢٣ ] وقال :﴿وَوَصَّيْنَا الإنسان بوالديه حسنًا﴾ [ العنكبوت : ٨ ] وقال في الوالدين الكافرين :﴿وَإِن جاهداك على أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وصاحبهما فِى الدنيا مَعْرُوفاً﴾ [ لقمان : ١٥ ] وعن النبي ﷺ أنه قال :( أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس ) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رجلا جاء إلى النبي ﷺ من اليمن استأذنه في الجهاد، فقال عليه السلام :" هل لك أحد باليمن فقال أبواي فقال : أبواك أذنا لك فقال لا فقال فارجع وأستاذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما ".