واعلم أن الإحسان إلى الوالدين هو أن يقوم بخدمتهما، وألا يرفع صوته عليهما، ولا يخشن في الكلام معهما، ويسعى في تحصيل مطالبهما والانفاق عليهما بقدر القدرة من البر، وأن لا يشهر عليهما سلاحا، ولا يقتلهما، قال أبو بكر الرازي : إلا أن يضطر إلى ذلك بأن يخاف أن يقتله أن ترك قتله، فحينئذ يجوز له قتله ؛ لأنه إذا لم يفعل ذلك كان قد قتل نفسه بتمكين غيره منه، وذلك منهي عنه، روي أن النبي ﷺ نهى حنظلة بن أبي عامر الراهب عن قتل أبيه وكان مشركا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٧٧﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وبالوالدين إِحْسَاناً ﴾ قد تقدّم في صدر هذه السورة أن مِن الإحسان إليهما عتقَهما، ويأتي في "سُبْحَان" حكم برِّهما مُسْتَوْفىً.
وقرأ ابن أبي عبلة "إحسان" بالرفع أي واجب الإحسان إليهما.
الباقون بالنصب، على معنى أحسِنوا إليهما إحساناً.
قال العلماء : فأحق الناس بعد الخالق المنان بالشكر والإحسان والتزامِ البِرّ والطاعةِ له والإذعانِ مَن قَرن الله الإحسان إليه بعبادته وطاعته وشكره بشكره وهما الوالدان ؛ فقال تعالى :﴿ أَنِ اشكر لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ [ لقمان : ١٤ ].
وروى شُعبة وهُشيم الواسطيّان عن يَعْلَى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله ﷺ :" رِضَى الرَّبِّ في رضى الوالدَيْن وسُخْطُه في سُخْط الوالدين ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٨٢ ـ ١٨٣﴾.


الصفحة التالية
Icon