وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ وبالوالدين إحسانا ﴾ اهتمام بشأن الوالدين إذ جعل الأمر بالإحسان إليهما عقب الأمر بالعبادة، كقوله :﴿ أن اشكر لى ولوالديك ﴾ [ لقمان : ١٤ ]، وقوله :﴿ يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ووصينا الإنسان بوالديه ﴾ [ لقمان : ١٣، ١٤ ]، ولذا قدّم معمول ( إحساناً ) عليه تقديماً للاهتمام إذ لا معنى للحصر هنا لأنّ الإحسان مكتوب على كلّ شيء، ووقع المصدر موقع الفعل.
وإنّما عدّي الإحسان بالباء لتضمينه معنى البرّ.
وشاعت تعديته بالباء في القرآن في مثل هذا.
وعندي أنّ الإحسان إنّما يعدّى بالباء إذا أريد به الإحسان المتعلّق بمعاملة الذات وتوقيرها وإكرامها، وهو معنى البرّ ولذلك جاء "وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن" ؛ وإذا أريد به إيصال النفع المالي عُديّ بإلى، تقول : أحْسَنَ إلى فلان، إذا وصله بمال ونحوه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٢٣﴾
فصل
قال الفخر :
النوع الرابع : قوله تعالى :﴿وَبِذِى القربى﴾ وهو أمر بصلة الرحم كما ذكر في أول السورة بقوله :﴿والأرحام﴾ [ النساء : ١ ].
واعلم أن الوالدين من الأقارب أيضا، إلا أن قرابة الولاد لما كانت مخصوصة بكونها أقرب القرابات وكانت مخصوصة بخواص لا تحصل في غيرها، لا جرم ميزها الله تعالى في الذكر عن سائر الأنواع، فذكر في هذه الآية قرابة الولاد، ثم أتبعها بقرابة الرحم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٧٧﴾
وقال الآلوسى
﴿ وَبِذِى القربى ﴾ أي بصاحب القرابة من أخ وعم وخال وأولاد كل ونحو ذلك، وأعيد الباء هنا ولم يعد في البقرة قال في "البحر" : لأن هذا توصية لهذه الأمة فاعتنى به وأكد، وذلك في بني إسرائيل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٢٨﴾