وقال القاضي عبد الجبار : إنه لا يجوز أن يأمر العاقل وكيله بالتصرف في الضيعة ويحبسه من حيث لا يتمكن من مفارقة الحبس، ثم يقول له : ماذا عليك لو تصرفت في الضيعة، وإذا كان من يذكر مثل هذا الكلام سفيها دل على أن ذلك غير جائز على الله تعالى، فهذا جملة ما ذكروه من الأمثلة.
واعلم أن التمسك بطريقة المدح والذم والثواب والعقاب قد كثر للمعتزلة، ومعارضتهم بمسألتي العلم والداعي قد كثرت، فلا حاجة إلى الإعادة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨١ ـ ٨٢﴾
فائدة
قال ابن عطية :
وكأن هذا الكلام يقتضي أن الإيمان متعلق بقدرتهم ومن فعلهم، ولا يقال لأحد : ما عليك لو فعلت إلا فيما هو مقدور له، وهذه شبهة للمعتزلة، والانفصال عنها أن المطلوب إنما هو تكسبهم واجتهادهم وإقبالهم على الإيمان، وأما الاختراع فالله المنفرد به، وفي هذا الكلام تفجع ما عليهم، واستدعاء جميل يقتضي حيطة وإشفاقاً. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ٥٣﴾
قوله تعالى ﴿وَكَانَ الله بهم عَلِيماً﴾
قال الفخر :
والمعنى أن القصد إلى الرئاء إنما يكون باطنا غير ظاهر، فبين تعالى أنه عليم ببواطن الأمور كما هو عليم بظواهرها، فإن الإنسان متى اعتقد ذلك صار ذلك كالرادع له عن القبائح من أفعال القلوب : مثل داعية النفاق والرياء والسمعة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨٢﴾
وقال السمرقندى :
﴿ وَكَانَ الله بِهِم عَلِيماً ﴾ أنهم لم يؤمنوا.
ويقال : إن الله عليم بثواب أعمالهم، ولا يظلمهم شيئاً من ثواب أعمالهم. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ٣٢٩﴾
وقال ابن عطية
﴿ وكان الله بهم عليماً ﴾ إخبار يتضمن وعيداً، وينبه على سوء تواطئهم، أي : لا ينفعهم كتم مع علم الله تعالى بهم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ٥٣﴾
وقال السعدى :
ولما كان الإخلاص سرًّا بين العبد وبين ربه، لا يطلع عليه إلا الله أخبر تعالى بعلمه بجميع الأحوال فقال :﴿ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ﴾. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ١٧٩﴾


الصفحة التالية
Icon