ورُوي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين ثم نادى منادٍ ألا من كان يطلب مظلمة فليجيء إلى حقه فليأخذه، فيفرح المرء أن يذوب له الحق على والده أو ولده أو زوجته أو أخيه، فيأخذ منه وإن كان صغيرًا، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ ويُؤْتَى بالعبدِ فينادي منادِ على رُؤوس الأولين والآخرين : هذا فلان ابن فلان فمن كان له عليه حق فليأتِ إلى حقِّه فيأخذه، ويقال آتِ هؤلاء حقوقَهم فيقول : يا رب من أين وقد ذهبت الدنيا، فيقول الله عز وجل لملائكته انظروا في أعماله الصالحة فأعطوهم منها فإنْ بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة : يا ربنا بقي له مثقال ذرة من حسنة، فيقول : ضعّفُوها لعبدي وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة. ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ﴾ وإن كان عبدًا شقيًا قالت الملائكة : إلهنا فنيت حسناتُه وبقي طالبون ؟ فيقول الله عز وجل : خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته، ثم صُكُّوا له صكًّا إلى النار (١).
فمعنى الآية هذا التأويل : أن الله لا يظلم مثقال ذرة للخصم على الخصم بل أخذ له منه ولا يظلم مثقال ذرة تبقى له بل يثيبه عليها ويضَعِّفها له، فذاك. أ هـ ﴿تفسير البغوى حـ ٢ صـ ٢١٥ ـ ٢١٧﴾. بتصرف يسير.

_
(١) أخرجه الطبري في التفسير : ٨ / ٣٦٣ - ٣٦٤. وقال ابن كثير : ولبعض هذا الأثر شاهد في الحديث الصحيح.


الصفحة التالية
Icon