إنما قلنا إنه لا يجوز انحباط كل واحد منهما بالآخر، لأنه إذا كان سبب عدم كل واحد منهما وجود الآخر، فلو حصل العدمان معا لحصل الوجدان معا، ضرورة أن العلة لا بد وأن تكون حاصلة مع المعلول، وذلك محال.
وإنما قلنا : إنه لا يجوز انحباط الطاعة بالمعصية مع أن المعصية لا تنحبط بالطاعة، لأن تلك الطاعات لم ينتفع العبد بها ألبتة، لا في جلب ثواب، ولا في دفع عقاب وذلك ظلم، وهو ينافي قوله تعالى :﴿إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ ولما بطل القسمان ثبت القول بفساد الإحباط على ما تقوله المعتزلة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨٣﴾
فصل
قال الفخر :
احتج أصحابنا بهذه الآية على أن المؤمنين يخرجون من النار إلى الجنة، فقالوا : لا شك أن ثواب الإيمان، والمداومة على التوحيد، والإقرار بأنه هو الموصول بصفات الجلال والإكرام، والمواظبة على وضع الجبين على تراب العبودية مائة سنة : أعظم ثوابا من عقاب شرب الجرعة من الخمر، فإذا حضر هذا الشارب يوم القيامة وأسقط عنه قدر عقاب هذا المعصية من ذلك الثواب العظيم فضل له من الثواب قدر عظيم، فإذا أدخل النار بسبب ذلك القدر من العقاب، فلو بقي هناك لكان ذلك ظلما وهو باطل، فوجب القطع بأنه يخرج إلى الجنة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨٣ ـ ٨٤﴾
قوله تعالى ﴿وَإِن تَكُ حَسَنَةً يضاعفها﴾
فصل
قال الفخر :
قرأ نافع وابن كثير ﴿حَسَنَةٌ﴾ بالرفع على تقديره "كان" التامة، والمعنى : وإن حدثت حسنة، أو وقعت حسنة، والباقون بالنصب على تقدير "كان" الناقصة والتقدير : وإن تك زنة الذرة حسنة.
وقرأ ابن كثير وابن عامر ﴿يضاعفها﴾ بالتشديد من غير ألف من التضعيف، والباقون ﴿يضاعفها﴾ بالألف والتخفيف من المضاعفة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨٤﴾
وقال القرطبى :