فتقول الأمم الخالية : إن فيهم الزُّناة والسرّاق فلا تقبل شهادتهم فيزكيهم النبي ﷺ، فيقول المشركون :﴿ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [ الأنعام : ٢٣ ] فيختم على أفواههم وتشهد أرجلهم وأيديهم بما كانوا يكسبون ؛ فذلك قوله تعالى :﴿ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرسول لَوْ تسوى بِهِمُ الأرض ﴾ يعني تخسف بهم. والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٩٨ ـ ١٩٩﴾.
قال الطبرى :
وكل هذه القراءات متقاربات المعنى، وبأي ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ، لأن من تمنى منهم أن يكون يومئذ ترابًا، إنما يتمنى أن يكون كذلك بتكوين الله إياه كذلك. وكذلك من تمنى أن يكون الله جعله كذلك، فقد تمنى أن يكون ترابًا. على أن الأمر وإن كان كذلك، فأعجبُ القراءة إليّ في ذلك :( لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأرْضُ )، بفتح"التاء" وتخفيف"السين" كراهية الجمع بين تشديدين في حرف واحد وللتوفيق في المعنى بين ذلك وبين قوله :( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ) [سورة النبأ : ٤٠]. فأخبر الله عنهم جل ثناؤه أنهم يتمنون أن كانوا ترابًا، ولم يخبر عنهم أنهم قالوا :"يا ليتني كنت ترابًا". فكذلك قوله :"لو تَسوّى بهم الأرض" فيسوَّوا هم. وهي أعجب إلي، ليوافق ذلك المعنى الذي أخبرَ عنهم.
بقوله :"يا ليتني كنتُ ترابًا". وأما قوله :"ولا يكتمون الله حديثًا"، فإن أهل التأويل تأوّلوه بمعنى : ولا تكتم الله جوارحُهم حديثًا، وإن جحدتْ ذلك أفواههم. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٨ صـ ٣٧٢ ـ ٣٧٣﴾

فصل


قال الفخر :
ذكروا في تفسير قوله :﴿لَوْ تسوى بِهِمُ الأرض﴾ وجوها :
الأول : لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى.
والثاني : يودون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض سواء.


الصفحة التالية
Icon