الثالث : تصير البهائم ترابا فيودون حالها كقوله :﴿يا ليتنى كُنتُ ترابا﴾ [ النبأ : ٤٠ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨٦﴾
قوله :﴿وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً﴾
فصل
قال الفخر :
قوله :﴿وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً﴾ فيه لأهل التأويل طريقان : الأول : أن هذا متصل بما قبله.
والثاني : أنه كلام مبتدأ، فإذا جعلناه متصلا احتمل وجهين : أحدهما : ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما : يودون لو تنطبق عليهم الأرض ولم يكونوا كتموا أمر محمد ﷺ ولا كفروا به ولا نافقوا، وعلى هذا القول : الكتمان عائد إلى ما كتموا من أمر محمد ﷺ، الثاني : أن المشركين لما رأوا يوم القيامة أن الله تعالى يغفر لأهل الإسلام ولا يغفر شركا، قالوا : تعالوا فلنجحد فيقولون : والله ربنا ما كنا مشركين، رجاء أن يغفر الله لهم، فحينئذ يختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يعملون، فهنالك يودون أنهم كانوا ترابا ولم يكتموا الله حديثا.
الطريق الثاني في التأويل : أن هذا الكلام مستأنف، فإن ما عملوه ظاهر عند الله، فكيف يقدرون على كتمانه ؟. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٨٦﴾
وقال ابن الجوزى :
وفي معنى الآية ستة أقوال.
أحدها : ودّوا إِذا فضحتهم جوارحهم أنهم لم يكتموا الله شركهم، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس.
والثاني : أنهم لما شهدت عليهم جوارحهم لم يكتموا الله حديثا بعد ذلك، روي عن ابن عباس أيضا.
والثالث : أنهم في موطن لا يكتمونه حديثا، وفي موطن يكتمون، ويقولون : ما كنا مشركين، قاله الحسن.
والرابع : أن قوله ﴿ ولا يكتمون الله حديثاً ﴾ كلام مستأنف لا يتعلق بقوله : لو تسوى بهم الأرض، هذا قول الفرّاء، والزجاج.