ومعنى : لا يكتمون الله حديثاً : لا يقدرون على كتمانه، لأنه ظاهر عند الله.
والخامس : أن المعنى : ودّوا لو سوّيت بهم الأرض، وأنهم لم يكتموا الله حديثا.
والسادس : أنهم لم يعتقدوا قولهم : ما كنا مشركين كذباً، وإِنما اعتقدوا أن عبادة الأصنام طاعة، ذكر القولين ابن الأنباري.
وقال القاضي أبو يعلى : أخبروا بما توهّموا، إِذ كانوا يظنون أنهم ليسوا بمشركين، وذلك لا يخرجهم عن أن يكونوا قد كذبوا. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ٨٧ ـ ٨٨﴾
وقال ابن عطية :
أخبر أنهم ﴿ لا يكتمون حديثاً ﴾ لنطق جوارحهم بذلك كله، حين يقول بعضهم :﴿ والله ربنا ما كنا مشركين ﴾ [ الأنعام : ٢٣ ] فيقول الله : كذبتم، ثم ينطق جوارحهم فلا تكتم حديثاً، وهذا قول ابن عباس، وقال فيه : إن الله إذا جمع الأولين والآخرين ظن بعض الكفار أن الإنكار ينجي، فقالوا :﴿ والله ربنا ما كنا مشركين ﴾، فيقول الله : كذبتم، ثم ينطق جوارحهم فلا تكتم حديثاً، وهكذا فتح ابن عباس على سائل أشكل عليه الأمر، وقالت طائفة : مثل القول الأول، إلا أنها قالت : إنما استأنف الكلام بقوله :﴿ ولا يكتمون الله حديثاً ﴾ ليخبر عن أن الكتم لا ينفع، وإن كتموا، لأن الله تعالى يعلم جميع أسرارهم وأحاديثهم، فمعنى ذلك : وليس ذلك المقام الهائل مقاماً ينفع فيه الكتم.