ولما ذكر الإحسان الذي عماده التواضع والكرم، ختم الآية ترغيباً فيه وتحذيراً من منعه معللاً للأمر به بقوله :﴿إن الله﴾ أي بما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى ﴿لا يحب﴾ أي لا يفعل فعل المحب مع ﴿من كان مختالاً﴾ أي متكبراً معجباً بنفسه متزيناً بحليته مرائياً بما آتاه الله تعالى من فضله على وجه العظم واحتقار الغير، يأنف من أن ينسب إليه أقاربه الفقراء، ويقذر جيرانه إذا كانوا ضعفاء، فلا يحسن إليهم لئلا يلمّوا به فيعيَّر بهم.
ولما كان المختال ربما أحسن رياء، قال معلماً أنه لا يقبل إلا الخالص :﴿فخوراً﴾ مبالغاً في التمدح بالخصال، يأنف من عشرة الفقراء وفي ذلك أتم ترهيب من الخلق المانع من الإحسان، وهو الاختيال على عباد الله والافتخار عليهم ازدراء بهم، فإنه لا مقتضى لذلك لأن الكل من نفس واحدة، والفضل نعمة منه سبحانه، يجب شكرها بالتواضع لتدوم، ويحذر كفرها بالفخار خوفاً من أن تزول. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٥٤ ـ ٢٥٦﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما أرشد كل واحد من الزوجين إلى المعاملة الحسنة مع الآخر وإلى إزالة الخصومة والخشونة، أرشد في هذه الآية إلى سائر الأخلاق الحسنة وذكر منها عشرة أنواع.
النوع الأول : قوله :﴿واعبدوا الله﴾ قال ابن عباس : المعنى وحدوه، واعلم أن العبادة عبارة عن كل فعل وترك يؤتى به لمجرد أمر الله تعالى بذلك، وهذا يدخل فيه جميع أعمال القلوب وجميع أعمال الجوارح، فلا معنى لتخصيص ذلك بالتوحيد، وتحقيق الكلام في العبادة قد تقدم في سورة البقرة في قوله تعالى :﴿يا أيها الناس اعبدوا رَبَّكُمُ﴾ [ البقرة : ٢١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٧٦ ـ ٧٧﴾
وقال أبو حيان :