ولما كان ذلك أمراً غريباً ومقدوراً عجيباً، وكان التقدير : فقد كان أمر الله فيهم بذلك - كما علمتم - نافذاً ؛ أتبعه الإعلام بأن قدرته شاملة، وأن وجوه مقدوراته لا تنحصر فقال عاطفاً على ما قدرته :﴿وكان أمر الله﴾ أي حكمه وقضاؤه ومراده في كل شيء شاء منهم ومن غيره بذلك وبغيره، لأن له العظمة التي لا حد لها والكبرياء التي تعيي الأوصاف دونها ﴿مفعولاً﴾ أي كائناً حتماً، لا تخلف له أصلاً، فلا بد من وقوع أحد الأمرين إن لم يؤمنوا، وقد آمن بعضهم فلم يصح أنهم لم يؤمنوا، لأنه قد وقع منهم إيمان. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٦٤ ـ ٢٦٥﴾
فصل
قال الفخر :
إنه تعالى بعد أن حكى عن اليهود أنواع مكرهم وإيذائهم أمرهم بالإيمان وقرن بهذا الأمر الوعيد الشديد على الترك، ولقائل أن يقول : كان يجب أن يأمرهم بالنظر والتفكر في الدلائل الدالة على صحة نبوته، حتى يكون إيمانهم استدلاليا، فلما أمرهم بذلك الإيمان ابتداء فكأنه تعالى أمرهم بالإيمان على سبيل التقليد.
والجواب عنه : أن هذا الخطاب مختص بالذين أوتوا الكتاب، وهذا صفة من كان عالما بجميع التوراة.