فصل
قال الآلوسى :
﴿ يَا أَيُّهَا الذين أُوتُواْ الكتاب ﴾ نزلت كما قال السدي في زيد بن التابوت ومالك بن الصيف.
وأخرج البيهقي في "الدلائل" وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :"كلم رسول الله ﷺ رؤساء من أحبار يهود منهم عبد الله بن صوريا وكعب بن أسد فقال لهم : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق فقالوا : ما نعرف ذلك يا محمد فأنزل الله تعالى فيهم الآية، ولا يخفى أن العبرة لعموم اللفظ وهو شامل لمن حكيت أحوالهم وأقوالهم ولغيرهم، وجعل الخطاب للأولين خاصة بطريق الالتفات، وأن وصفهم بإيتاء الكتاب تارة وبإيتاء نصيب منه أخرى لتوفية كل من المقامين حظه بعيد جداً، ولما كان تفصيل هاتيك الأحوال والأقوال من مظان إقلاع من توجه الخطاب إليهم عما هم عليه من الضلالة عقب ذلك بالأمر بالمبادرة إلى سلوك محجة الهدى مشفوعاً بالتحذير والتخويف والوعيد الشديد على المخالفة فقال سبحانه :
﴿ ءامَنُواْ ﴾ إيماناً شرعياً ﴿ بِمَا نَزَّلْنَا ﴾ أي بالذي أنزلناه من عندنا على رسولنا محمد ﷺ من القرآن ﴿ مُصَدّقاً لّمَا مَعَكُمْ ﴾ من التوراة الغير المبدلة، وقد تقدم كيفية تصديق القرآن لذلك وعبر عن التوراة بما ذكر للإيذان بكمال وقوفهم على حقيقة الحال المؤدي إلى العلم بكون القرآن مصدقاً لها. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٤٩﴾
لطيفة
قال العلامة الفيروزابادى :
قوله ﴿يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ﴾ وفى غيرها (يا أهل الكتاب) لأَنَّه سبحانه استخفَّ بهم فى هذه الآية، وبالغ، ثمّ ختم بالطمس، وردِّ الوجوه على الأَدبار، واللَّعن، وأَنَّها كلَّها واقعة بهم. أ هـ ﴿بصائر ذوى التمييز حـ ١ صـ ١٧٥﴾
فصل
قال الفخر :
الطمس : المحو، تقول العرب في وصف المفازة، إنها طامسة الأعلام وطمس الطريق وطمس إذا درس، وقد طمس الله على بصره إذا أزاله وأبطله، وطمست الريح الأثر إذا محته، وطمست الكتاب محوته، وذكروا في الطمس المذكور في هذه الآية قولين :
أحدهما : حمل اللفظ على حقيقته وهو طمس الوجوه :
والثاني : حمل اللفظ على مجازه.