اعلم أن الله تعالى لما هدد اليهود على الكفر، وبين أن ذلك التهديد لا بد من وقوعه لا محالة بين أن مثل هذا التهديد من خواص الكفر، فأما سائر الذنوب التي هي مغايرة للكفر فليست حالها كذلك، بل هو سبحانه قد يعفو عنها، فلا جرم قال :﴿إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٩٩ ـ ١٠٠﴾
فصل
قال الفخر :
هذه الآية دالة على أن اليهودي يسمى مشركا في عرف الشرع، ويدل عليه وجهان :
الأول : أن الآية دالة على أن ما سوى الشرك مغفور، فلو كانت اليهودية مغايرة للشرك لوجب أن تكون مغفورة بحكم هذه الآية، وبالاجماع هي غير مغفورة، فدل على أنها داخلة تحت اسم الشرك.
الثاني : أن اتصال هذه الآية بما قبلها إنما كان لأنها تتضمن تهديد اليهود، فلولا أن اليهودية داخلة تحت اسم الشرك، وإلا لم يكن الأمر كذلك.
فإن قيل : قوله تعالى :﴿إِنَّ الذين ءامَنُواْ والذين هَادُواْ﴾ [ الحج : ١٧ ] إلى قوله :﴿والذين أَشْرَكُواْ﴾ [ الحج : ١٧ ] عطف المشرك على اليهودي، وذلك يقتضي المغايرة.
قلنا : المغايرة حاصلة بسبب المفهوم اللغوي، والاتحاد حاصل بسبب المفهوم الشرعي، ولا بد من المصير إلى ما ذكرناه دفعا للتناقض.
إذا ثبتت هذه المقدمة فنقول : قال الشافعي رضي الله عنه : المسلم لا يقتل بالذمي، وقال أبو حنيفة : يقتل.
حجة الشافعي أن الذمي مشرك لما ذكرناه، والمشرك مباح الدم لقوله تعالى : اقتلوا المشركين.
فكان الذمي مباح الدم على الوجه الذي ذكرناه ومباح الدم هو الذي لا يجب القصاص على قاتله، ولا يتوجه النهي عن قتله ترك العمل بهذا الدليل في حق النهي، فوجب أن يبقى معمولا به في سقوط القصاص عن قاتله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٠٠﴾
فصل
قال الفخر :