فصل
قال الفخر :
في كيفية التحريف وجوه :
أحدها : أنهم كانوا يبدلون اللفظ بلفظ آخر مثل تحريفهم اسم "ربعة" عن موضعه في التوراة بوضعهم "آدم طويل" مكانه، ونحو تحريفهم "الرجم" بوضعهم "الحد" بدله ونظيره قوله تعالى :﴿فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكتاب بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِندِ الله﴾ [ البقرة : ٧٩ ].
فإن قيل : كيف يمكن هذا في الكتاب الذي بلغت آحاد حروفه وكلماته مبلغ التواتر المشهور في الشرق والغرب ؟
قلنا لعله يقال : القوم كانوا قليلين، والعلماء بالكتاب كانوا في غاية القلة فقدروا على هذا التحريف، والثاني : أن المراد بالتحريف : إلقاء الشبه الباطلة، والتأويلات الفاسدة، وصرف اللفظ عن معناه الحق إلى معنى باطل بوجوه الحيل اللفظية، كما يفعله أهل البدعة في زماننا هذا بالآيات المخالفة لمذاهبهم، وهذا هو الأصح.
الثالث : أنهم كانوا يدخلون على النبي ﷺ ويسألونه عن أمر فيخبرهم ليأخذوا به، فإذا خرجوا من عنده حرفوا كلامه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٩٥﴾
فائدة
قال الفخر :
ذكر الله تعالى ههنا :﴿عَن مواضعه﴾ وفي المائدة ﴿مِن بَعْدِ مواضعه﴾ [ المائدة : ٤١ ] والفرق أنا إذا فسرنا التحريف بالتأويلات الباطلة، فههنا قوله :﴿يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه﴾ معناه : أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص، فههنا قوله :﴿يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه﴾ معناه : أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص، وليس فيه بيان أنهم يخرجون تلك اللفظة من الكتاب.