قوله تعالى ﴿وراعنا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِى الدين﴾

فصل


قال الفخر :
النوع الرابع : من ضلالاتهم قولهم :﴿وراعنا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِى الدين﴾ أما تفسير ﴿راعنا﴾ فقد ذكرناه في سورة البقرة وفيه وجوه :
الأول : أن هذه كلمة كانت تجري بينهم على جهة الهزء والسخرية، فلذلك نهى المسلمون أن يتلفظوا بها في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
الثاني : قوله :﴿راعنا﴾ معناه ارعنا سمعك، أي اصرف سمعك إلى كلامنا وأنصت لحديثنا وتفهم، وهذا مما لا يخاطب به الأنبياء عليهم السلام، بل إنما يخاطبون بالإجلال والتعظيم.
الثالث : كانوا يقولون راعنا ويوهمونه في ظاهر الأمر أنهم يريدون أرعنا سمعك، وكانوا يريدون سبه بالرعونة في لغتهم.
الرابع : أنهم كانوا يلوون ألسنتهم حتى يصير قولهم :﴿راعنا﴾ راعينا، وكانوا يريدون أنك كنت ترعى أغناما لنا، وقوله :﴿لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ قال الواحدي : أصل ( لياً ) لويا، لأنه من لويت، ولكن الواو أدغمت في الياء لسبقها بالسكون، ومثله الطي وفي تفسيره وجوه :
الأول : قال الفراء كانوا يقولون : راعنا ويريدون به الشتم، فذاك هو اللي، وكذلك قولهم :﴿غير مسمع﴾ وأرادوا به لا سمعت، فهذا هو اللي.
الثاني : أنهم كانوا يصلون بألسنتهم ما يضمرونه من الشتم إلى ما يظهرونه من التوقير على سبيل النفاق.


الصفحة التالية
Icon