الثالث : لعلهم كانوا يفتلون أشداقهم وألسنتهم عند ذكر هذا الكلام على سبيل السخرية، كما جرت عادة من يهزأ بإنسان بمثل هذا الأفعال، ثم بين تعالى أنهم إنما يقدمون على هذه الأشياء لطعنهم في الدين، لأنهم كانوا يقولون لأصحابهم : إنما نشتمه ولا يعرف، ولو كان نبيا لعرف ذلك، فأظهر الله تعالى ذلك فعرفه خبث ضمائرهم، فانقلب ما فعلوه طعنا في نبوته دلالة قاطعة على نبوته، لأن الإخبار عن الغيب معجز. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٩٦﴾
فائدة
قال ابن عطية :
وهذا الليّ باللسان إلى خلاف ما في القلب موجود حتى الآن في بني إسرائيل، ويحفظ منه في عصرنا أمثلة، إلا أنه لا يليق ذكرها بهذا الكتاب. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ٦٢﴾
وقال أبو حيان بعد أن ذكر كلام ابن عطية السابق ما نصه :
وهو يحكي عن يهود الأندلس، وقد شاهدناهم وشاهدنا يهود ديار مصر على هذه الطريقة، وكأنهم يربون أولادهم الصغار على ذلك، ويحفظونهم ما يخاطبون به المسلمين مما ظاهره التوقير ويريدون به التحقير. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٧٥﴾
سؤال : فإن قيل : كيف جاؤا بالقول المحتمل للوجهين بعد ما حرفوا، وقالوا سمعنا وعصينا ؟
والجواب من وجهين :
الأول : أنا حكينا عن بعض المفسرين أنه قال : إنهم ما كانوا يظهرون قولهم :﴿وَعَصَيْنَا﴾ بل كانوا يقولونه فى أنفسهم.
والثاني : هب أنهم أظهروا ذلك إلا أن جميع الكفرة كانوا يواجهونه بالكفر والعصيان، ولا يواجهونه بالسب والشتم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٩٦﴾