وباب الاستثناء لا يكون فيه ما بعد إلا موافقاً لما قبلها، وظاهر قوله : فلا يؤمنون إلا قليلاً، إذا جعلناه عائداً إلى الإيمان، إنّ الإيمان يتجزأ بالقلة والكثرة، فيزيد وينقص، والجواب : إن زيادته ونقصه هو بحسب قلة المتعلقات وكثرتها. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٧٥ ـ ٢٧٦﴾
من فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ مّنَ الذين هَادُواْ ﴾ قيل : هو بيان للذين أوتوا المتناول بحسب المفهوم لأهل الكتابين، وقد وسط بينهما ما وسط لمزيد الاعتناء ببيان محل التشنيع والتعجيب والمسارعة إلى تنفير المؤمنين عنهم والاهتمام بحثهم على الثقة بالله تعالى والاكتفاء بولايته ونصرته، واعترضه أبو حيان بأن الفارسي قد منع الاعتراض بجملتين فما ظنك بالثلاث ؟ ا وأجاب الحلبي بأن الخلاف إذا لم يكن عطف والجمل هنا متعاطفة وبه يصير الشيئان شيئاً واحداً، وقيل : إنه بيان لأعدائكم، وفيه أنه لا وجه لتخصيص علمه سبحانه بطائفة من أعدائهم لا سيما في معرض الاعتراض، وقيل : إنه صلة لنصير أي ينصركم من الذين هادوا وفيه تحجير لواسع نصرة الله تعالى مع أنه لا داعي لوضع الموصول موضع ضمير الأعداء وكون ما في حيز الصلة وصفاً ملائماً للنصر غير ظاهر، وقيل : إنه خبر مبتدأ محذوف
وقوله تعالى :﴿ يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه ﴾ صفة له أي : من الذين هادوا قوم يحرفون ويتعين هذا في قراءة عبد الله و﴿ مِنَ الذين ﴾ وقد تقرر أن المبتدأ إذا وصف بجملة أو ظرف، وكان بعض اسم مجرور بمن أو في مقدم عليه يطرد حذفه، ومنه قوله :
وما الدهر إلا تارتان فمنهما...
أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح


الصفحة التالية
Icon