والمراد به هنا إما صرف الكلام من جانب الخير إلى جانب الشر، وإما ضم أحد الأمرين إلى الآخر، وأصله لوى فقلبت الواو ياءاً وأدغمت، ونصبه على أنه مفعول له ليقولون باعتبار تعلقه بالقولين الأخيرين، وقيل : بالأقوال جميعها، أو على أنه حال أي لاوِينَ ومثله في ذلك قوله تعالى :﴿ وَطَعْناً فِى الدين ﴾ أي قدحاً فيه بالاستهزاء والسخرية، وكل من الظرفين متعلق بما عنده ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ ﴾ عندما سمعوا شيئاً من أوامر الله تعالى ونواهيه ﴿ قَالُواْ ﴾ بلسان المقال كما هو الظاهر أو به وبلسان الحال كما قيل :﴿ سَمِعْنَا ﴾ سماع قبول مكان قولهم :﴿ سَمِعْنَا ﴾ المراد به سماع الرد ﴿ وَأَطَعْنَا ﴾ مكان قولهم :﴿ عصينا ﴾ ﴿ وَعَصَيْنَا واسمع ﴾ بدل قولهم :﴿ أَسْمِعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ﴾.
﴿ وانظرنا ﴾ بدل قولهم :﴿ راعنا ﴾ ﴿ لَكَانَ ﴾ قولهم هذا ﴿ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ وأنفع من قولهم ذلك ﴿ وَأَقْوَمُ ﴾ أي أعدل في نفسه، وصيغة التفضيل إما على بابها واعتبار أصل الفعل في المفضل عليه بناءاً على اعتقادهم أو بطريق التهكم، وإما بمعنى اسم الفاعل فلا حاجة إلى تقدير من، وفي تقديم حال القول بالنسبة إليهم على حاله في نفسه إيماء إلى أن همم اليهود لعنهم الله تعالى طماحة إلى ما ينفعهم، والمنسبك من ( أن ) وما بعدها فاعل ثبت المقدر لدلالة أن عليه أي : لو ثبت قولهم سمعنا الخ وهو مذهب المبرد، وقيل : مبتدأ لا خبر له، وقيل : خبره مقدر.


الصفحة التالية
Icon