الرابع : أن يكون " من الذين " حَالاً [ من فاعل " يريدون " قاله أبو البقاء، ومنع أن يكُون حالاً ] من الضَّمير في " أوتوا " ومن " الذين " أعنِي : في قوله - تعالى - :" ألم تر إلى الذين أوتوا : قال : لأنَّ الحال لا تكُون لِشَيْءٍ واحِدٍ، إلا بعطف بَعْضِها على بَعْضٍ.
قال شهاب الدين : في هذه المسْألة خلافٌ بين النحويين : منهم من مَنَعَ، وَمِنْهم من جَوَّزَ، وهو الصَّحيح.
الخامس : أن ﴿ مِّنَ الذين ﴾ بيان للموصول في قوله :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ ﴾ لأنهم يهُود ونَصَارَى، فَبَيْنَهُم باليهُودِ، قاله الزمخشري، وفيه نظر من حَيْث إنَّه قد فُصِلَ بينهما بثلاثة جمل هي :﴿ والله أَعْلَمُ ﴾، ﴿ وكفى بالله ﴾، ﴿ وكفى بالله ﴾.
وإذا كان الفَارِسيّ قد منع الاعتراض بجُمْلَتيْن، فما بالك بِثلاثٍ، قاله أبو حيان، وفيه نَظَرٌ ؛ فإن الجُمَل هنا مُتَعَاطِفَة، والعَطْفُ يصير الشَّيْئيْن شيئاً واحِداً.
السادس : أنه بَيَانٌ لأعْدَائِكُم، وما بَيْنَهما اعْتراض أيضاً، وقد عُرِف ما فيه.
السابع : أنه متعلِّق بـ ﴿ نَصِيراً ﴾ وهذه المادَّة تتعَدَّى بـ " مِن " ؛ قال - تعالى - :﴿ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القوم ﴾ [ الأنبياء : ٧٧ ] ﴿ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ الله ﴾ [ غافر : ٢٩ ] على أحد تأويلَيْن :
إمَّا على تَضْمِين النَّصْر معنى المَنْع، أي : مَنَعْنَاهُ من القَوْم، وكذلك : كَفَى بالله مَانِعاً بِنصْره من الذين هَادُوا.


الصفحة التالية
Icon