[ وقوله :] ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ عَطْفٌ على ﴿ يُحَرِّفُونَ ﴾ وقد تَقَدَّم، وما بعده في محلِّ نَصْب به.
قوله :﴿ واسمع غَيْرَ مُسْمَعٍ ﴾، في نصبِ " غَير " وجْهَان :
أحدهما : أنه حَالٌ.
والثاني : أنه مَفْعُول به، والمعنى، اسْمَع غير مُسْمَعٍ كلاماً ترضاه، فَسَمْعُك عنه نَابٍ.
قال الزَّمَخْشَريّ، بعد حكايته نَصْبه على الحَالِ، وذكرهُ المعنى المتقدّم : ويجوزُ على هَذَا أن يكون " غير مسمع " مفعول اسْمَع، أي : اسْمَع كلاماً غير مُسْمَع إيَّاك ؛ لأن أذُنَك لا تعيه نبُوّاً عنه، وهذا الكلام ذُو مُسْمَع مكْرُوهاً، فيكون قد حَذَفَ المَفْعُول الثَّاني ؛ لأن الأوّل قَامَ مَقَام الفَاعِل.
وبإرادة الذَّمِّ تقدّر " غير مسمع خيراً " وحذف المفعول الثاني : أيضاً [ والمعنى : كانوا يَقُولُون للنَّبِي ﷺ اسْمع، ويقُولون في أنْفُسِهم : لا سَمِعْتَ ].
وقال أبو البقاء : وقيل : أرادُوا غير مَسْمُوع مِنْكَ، وهذا القَوْل نقله ابن عطيّة عن الطَّبَرِي، وقال : إنه حِكَايةٌ عن الحَسَن ومُجَاهِد.
وقال ابن عطيَّة : ولا يُسَاعِده التَّصْريف، يَعْني : أنّ العَرَب لا تقُولُ أسْمَعْتُكَ بمعنى قَبِلْتُ منك، [ وإنما تقول أسْمَعْتُه بمعنى : سَبَبْتُه، وسمعت منه بمعنى قَبِلْتُ ويعبرون بالسماع لا بالإسماع عن القبول مجازاً، وتقدم القولُ في ﴿ رَاعِنَا ﴾ [ البقرة : ١٠٤ ]
قوله " لَيًّا بألسنتهم وطعناً " فيهما وجهانِ :
أحدهما : أنَّهُمَا مفعول مِنْ أجْلهِ ناصبُهما " ويقولونَ ".
والثَّاني : أنَّهُمَا مَصْدَرَانِ في موضع الحَالِ، أيْ : لاوين وطاعنينَ، وأصْلُ لَيًّا [ " لَوْيٌ ] " من لَوَى يلْوي، فأدغِمَتِ الواوُ في الياءِ بعد قلبها ياءً، فهو مِثْلُ " طَيٍّ " مصدر طَوَى، يَطْوِي.


الصفحة التالية
Icon