و " بألسنتهم "، و" في الدين " متعلّقان بالمَصْدَرَيْنِ قبلهما، وتقدَّم في البَقَرة على قَوْله :" ولو أنهم قالوا ".
قوله :" لكان خيراً لهم " فيه قَوْلاَن :
أظهرهما : أن يكُون بمعنى أفْعَل، ويكون المُفَضَّل عَلَيْه " محذوفاً، أي : لو قالُوا هذا الكلام، لكان خَيْراً من ذَلِك الكَلاَمِ.
والثاني : أنه لا تَفْضِيل فيه ] بل يَكُون بمعنى جيّد وفَاضِل، فلا حَذْف حينئذٍ، والباءُ في " بكفرهم " للسَّبَبية.
قوله :" إلا قليلاً " فيه ثلاثة أوجُه :
أحدها : أنه مَنْصُوب على الاستثنَاء من ﴿ لَّعَنَهُمُ ﴾، أي : لعنهم الله إلا قليلاً منهم، فإنَّهم آمنُوا فلم يَلْعَنْهُم.
والثاني : أنه مستثْنى من الضَّمِير في " فلا يؤمنون "، والمراد بالقَلِيلِ عبد الله بن سَلاَم وأضرابه، ولم يَسْتَحسن مَكِّي هذيْن الوَجْهَيْن :
أما الأوّل : قال : لأنَّ مَنْ كَفَرَ مَلْعُونٌ لا يُسْتَثْنَى منهم أحد.
وأما الثاني : فلأن الوجْه الرَّفع على البَدَل ؛ لأن الكَلامَ غير مُوجِبٍ.
والثالث : أنَّه صِفَةٌ لمصدر محذُوف، أي : إلا إيماناً قَلِيلاً ؛ وتعليله هو أنَّهُم آمنوا بالتَّوحيد وكَفَرُوا بمحمَّد ﷺ وشَرِيعَته.
وعبَّر الزَّمَخْشَري وابن عطيّة عن هذا التَّقليل بالعَدَم، يعني : أنَّهُم لا يؤمِنُون ألْبَتَّةَ كقوله :[ الطويل ]
قَلِيلُ التَّشَكِّي للمُهِمِّ يُصِيبُهُ... كَثيرُ الهَوَى شَتَّى النَّوَى والمَسَالِك