لطيفة
قال أبو حيان :
وفي الآية دلالة على الغض ممن يزكي نفسه بلسانه ويصفها بزيادة الطاعة والتقوى والزلفى عند الله.
وقوله ﷺ :" والله إني لأمين في السماء، أمين في الأرض " حين قال له المنافقون : اعدل في القسمة، أكذاب لهم إذ وصفوه بخلاف ما وصفه به ربه، وشتان من شهد الله له بالتزكية، ومن شهد لنفسه أو شهد له من لا يعلم.
قاله الزمخشري وفيه بعض تلخيص.
قال الراغب ما ملخصه : التزكية ضربان : بالفعل، وهو أن يتحرى فعل ما يظهره وبالقول، وهو الإخبار عنه بذلك ومدحه به.
وحظر أن يزكي الإنسان نفسه، بل أن يزكي غيره، إلا على وجه مخصوص.
فالتزكية إخبار بما ينطوي عليه الإنسان، ولا يعلم ذلك إلا الله تعالى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٨١﴾

فصل


قال ابن عطية :
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾
هذا لفظ عام في ظاهره، ولم يختلف أحد من المتأولين في أن المراد اليهود، واختلف في المعنى الذي به " زكوا أنفسهم "، فقال قتادة والحسن : ذلك قولهم ﴿ نحن أبناء الله وأحباؤه ﴾ [ المائدة : ١٨ ] وقولهم :﴿ لا يدخل الجنة إلا من كان هوداً ﴾ [ البقرة : ١١١ ] وقال الضحاك والسدي : ذلك قولهم : لا ذنوب لنا وما فعلناه نهاراً غفر ليلاً، وما فعلناه ليلاً غفر نهاراً، ونحن كالأطفال في عدم الذنوب، وقال مجاهد وأبو مالك وعكرمة : تقديمهم أولادهم الصغار للصلاة لأنهم لا ذنوب لهم.
قال المؤلف : وهذا يبعد من مقصد الآية وقال ابن عباس : ذلك قولهم أبناؤها الذين ماتوا يشفعون لنا ويزكوننا، وقال عبد الله بن مسعود : ذلك ثناء بعضهم على بعض، ومدحهم لهم وتزكيتهم لهم.


الصفحة التالية
Icon