وقال الآلوسى :
﴿ بَلِ الله يُزَكّى مَن يَشَاء ﴾ إبطال لتزكية أنفسهم وإثبات لتزكية الله تعالى وكون ذلك للإضراب عن ذمهم بتلك التزكية إلى ذمهم بالبخل والحسد بعيد لفظاً ومعنى، والجملة عطف على مقدر ينساق إليه الكلام كأنه قيل : هم لا يزكونها في الحقيقة بل الله يزكي من يشاء تزكيته ممن يستأهل من عباده المؤمنين إذ هو العليم الخبير وأصل التزكية التطهير والتنزيه من القبيح قولاً كما هو ظاهر أو فعلاً كقوله تعالى :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها ﴾ [ الشمس : ٩ ]، و﴿ خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا ﴾ [ التوبة : ١٠٣ ]. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٥٤﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
وفي تصدير الجملة بـ ( بل ) تصريح بإبطال تزكيتهم.
وأنّ الذين زكَّوا أنفسهم لاحظّ لهم في تزكية الله، وأنّهم ليسوا ممّن يشاء الله تزكيته، ولو لم يذكر ( بل ) فقيل و ﴿ الله يزكّي من يشاء ﴾ لكان لهم مطمع أن يكونوا ممّن زكّاه الله تعالى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٥٤﴾
قوله تعالى ﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾

فصل


قال الفخر :
قوله :﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ هو كقوله :﴿إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ [ النساء : ٤٠ ] والمعنى أن الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تلك التزكية حق جزائهم من غير ظلم، أو يكون المعنى : أن الذين زكاهم الله فإنه يثيبهم على طاعاتهم ولا ينقص من ثوابهم شيئا، والفتيل ما فتلت بين أصبعيك من الوسخ، فعيل بمعنى مفعول، وعن ابن السكيت : الفتيل ما كان في شق النواة، والنقير النقطة التي في ظهر النواة، والقطمير القشرة الرقيقة على النواة، وهذه الأشياء كلها تضرب أمثالا للشيء التافه الحقير، أي لا يظلمون لا قليلا ولا كثيرا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٠٢﴾


الصفحة التالية