وقال الآلوسى :
﴿ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾ عطف على جملة حذفت تعويلاً على دلالة الحال عليها، وإيذاناً بأنها غنية عن الذكر أي يعاقبون بتلك الفعلة الشنيعة ولا يظلمون في ذلك العقاب أدنى ظلم وأصغره وهو المراد بالفتيل، وهو الخيط الذي في شق النواة وكثيراً ما يضرب به المثل في القلة والحقارة كالنقير للنقرة التي في ظهرها والقطمير وهو قشرتها الرقيقة، وقيل : الفتيل ما خرج بين إصبعيك وكفيك من الوسخ، وروي ذلك عن ابن عباس وأبي مالك والسدي رضي الله تعالى عنهم، وجوز أن تكون جملة ﴿ وَلاَ يُظْلَمُونَ ﴾ في موضع الحال والضمير راجع إلى من حملا له على المعنى أي والحال أنهم لا ينقصون من ثوابهم أصلاً بل يعطونه يوم القيامة كملاً مع ما زكاهم الله تعالى ومدحهم في الدنيا.
وقيل : هو استئناف، والضمير عائد على الموصولين من زكى نفسه، ومن زكاه الله تعالى أي لا ينقص هذا من ثوابه ولا ذاك من عقابه، والأول أمس بمقام الوعيد، وانتصاب ﴿ فَتِيلاً ﴾ على أنه مفعول ثان كقولك : ظلمته حقه، قال علي بن عيسى : ويحتمل أن يكون تمييزاً كقولك : تصببت عرقاً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ٥٤﴾
وقال ابن عاشور :
ومعنى ﴿ ولا يظلمون فتيلاً ﴾ أي أنّ الله لم يحرمهم ما هم به أحرياء، وأنّ تزكية الله غيرهم لا تعدّ ظلماً لهم لأنّ الله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل ولا يظلِم أحداً. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ١٥٤﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :" بل "، إضْرَابٌ عَنْ تزكيتهم أنفُسَهُم، وقدّر أبُو البقاء قبل هذا الإضراب جُمْلَةً ؛ قال : تقديرهُ : أخْطؤوا، ﴿ بَلِ الله يُزَكِّي مَن يَشَآءُ ﴾.