وقال الثعالبى :
و﴿ ظَلِيلاً ﴾ : معناه عند بعضهم : يَقِي الحَرَّ والبَرْدَ، ويصحُّ أنْ يريدَ أنه ظِلٌّ لا يستحيلُ ولا يتنقَّلُ، وصح وصفه بظَلِيلٍ ؛ لامتداده، فقد قال ﷺ :" إنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَادُ المُضَمَّرُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ مَا يَقْطَعُهَا "، وَرَأَيْتُ لِبَعْضِهِمْ مَا نَصُّهُ وذكر الطبريُّ في كتابه، قال : لما خَلَق اللَّهُ عزَّ وجلَّ الجنَّةَ، قالَ لَهَا : امتدي، فقَالَتْ : يا ربِّ، كَمْ، وإلى كَمْ ؟ فَقَالَ لها : امتدي مِائَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، فامتدت، ثم قالَ لَهَا : امتدي، فقالَتْ : يا ربِّ : كَمْ، والى كَمْ ؟ فقالَ لَهَا : امتدِّي مِائَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، فامتدت، ثم قال لَهَا : امتدي، فقالَتْ : يَا رَبِّ : كَمْ، وإلى كَمْ ؟ فَقَالَ لَهَا : امتدي مِقْدَار رَحْمَتِي، فامتدت، فَهِيَ تَمْتَدُّ أَبَدَ الآبِدِينَ، فَلَيْسَ لِلجَنَّةِ طَرَفٌ ؛ كَمَا أنَّهُ لَيْسَ لِرَحْمَةِ اللَّهِ طَرَفٌ. انتهى، فهذا لا يُعْلَمُ إلا من جهة السَّمْع، فهو ممَّا اطلع عليه الطبريُّ، وهو إمامٌ حافظٌ محدِّثٌ ثقةٌ ؛ قاله الخطيبُ أحمدُ بْنُ عليِّ بْنِ ثابتٍ. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١ صـ ٣٨٣﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وندخلهم ظلاً ظليلاً ﴾ قال ابن عطية : أي يقي من الحر والبرد.
ويصح أن يريد أنه ظل لا ينتقل، كما يفعل ظل الدنيا فأكده بقوله : ظليلاً لذلك ويصح أن يصفه بظليل لامتداده، فقد قال عليه السلام :" إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة سنة ما يقطعها " انتهى كلامه.
وقال أبو مسلم الظليل : هو القوي المتمكن.
قال : ونعت الشيء بمثل ما اشتق من لفظه يكون مبالغة كقولهم : ليل أليل، وداهية دهياء.


الصفحة التالية
Icon