وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مَغْرُورُونَ جَاهِلُونَ، وَقَدْ أُطْلِقَ الْإِثْمُ عَلَى الْكَذِبِ خَاصَّةً، وَعَلَى كُلِّ ذَنْبٍ، وَقَالَ الرَّاغِبُ : الْإِثْمُ وَالْآثَامُ : اسْمٌ لِلْأَفْعَالِ الْمُبْطِئَةِ عَنِ الثَّوَابِ، يَعْنِي عَنِ الْخَيْرَاتِ الَّتِي يُثَابُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا، ثُمَّ بَيَّنَ صِدْقَ ذَلِكَ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ; إِذْ قَالَ تَعَالَى : فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ (٢ : ٢١٩)، وَلَا شَكَّ أَنَّ تَزْكِيَةَ النَّفْسِ، وَالْغُرُورَ بِالدِّينِ وَالْجِنْسِ، مِمَّا يُبَطِّئُ عَنِ الْعَمَلِ النَّافِعِ الَّذِي يُثَابُ عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الدُّنْيَا بِالْعِزِّ وَالسِّيَادَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْحُسْنَى وَزِيَادَةٍ، وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ (٢ : ٢١٩)، أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ لَفْظُ " الْإِثْمِ " إِلَّا عَلَى مَا كَانَ ضَارًّا، وَأَيُّ ضَرَرٍ أَكْبَرُ مِنْ ضَرَرِ الْغُرُورِ وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ بِالدَّعْوَى وَالتَّبَجُّحِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُسْلِمُونَ الْآنَ فِي بَعْضِ
الْبِلَادِ ؟ ! يَغُشُّونَ أَنْفُسَهُمْ بِمَدْحِهَا، وَيَتْرُكُونَ الْأَعْمَالَ الَّتِي تَرْفَعُهَا وَتُعْلِيهَا، وَقَدْ تَرَكَ الْيَهُودُ ذَلِكَ مُنْذُ قُرُونٍ، فَهُمْ يَعْمَلُونَ لِمِلَّتِهِمْ، وَهُمْ سَاكِتُونَ سَاكِنُونَ، وَلَا يَدَّعُونَ وَلَا يَتَبَجَّحُونَ، فَاعْتَبِرُوا أَيُّهَا الْغَافِلُونَ. أ هـ ﴿تفسير المنار حـ ٥ صـ ١١٩ ـ ١٢٦﴾


الصفحة التالية
Icon