لم يَضِرْها قولُ أعداء النِّعَمْ
ولقد أحسن من قال :
اصبر على حسدِ الحسو...
د فإن صبرك قاتلُه
فالنار تأكل بعضها...
إن لم تجد ما تأكُله
وقال بعض أهل التفسير في قول الله تعالى :﴿ رَبَّنَآ أَرِنَا اللذين أَضَلاَّنَا مِنَ الجن والإنس نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسفلين ﴾ [ فصلت : ٢٩ ].
إنه إنما أراد بالذي من الجنّ إبليس والذي من الإنس قابيل ؛ وذلك أن إبليس كان أوّل من سنّ الكفر، وقابيل كان أوّل من سنّ القتل، وإنما كان أصل ذلك كله الحسد.
وقال الشاعر :
إن الغُرابَ وكان يمشي مشيةً...
فيما مضى من سالف الأحوالِ
حسد القَطاةَ فَرَامَ يمشِي مشيَها...
فأصابه ضربٌ من التّعقالِ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٥١ ـ ٢٥٢﴾.

فصل


قال الفخر :
اختلفوا في تفسير الفضل الذي لأجله صاروا محسودين على قولين :
فالقول الأول : أنه هو النبوة والكرامة الحاصلة بسببها في الدين والدنيا.
والقول الثاني : أنهم حسدوه على أنه كان له من الزوجات تسع.
واعلم أن الحسد لا يحصل إلا عند الفضيلة، فكلما كانت فضيلة الإنسان أتم وأكمل كان حسد الحاسدين عليه أعظم، ومعلوم أن النبوة أعظم المناصب في الدين، ثم إنه تعالى أعطاها لمحمد ﷺ، وضم إليها أنه جعله كل يوم أقوى دولة وأعظم شوكة وأكثر أنصاراً وأعواناً وكل ذلك مما يوجب الحسد العظيم.
فأما كثرة النساء فهو كالأمر الحقير بالنسبة إلى ما ذكرناه، فلا يمكن تفسير هذا الفضل به، بل إن جعل الفضل اسما لجميع ما أنعم الله تعالى به عليه دخل هذا أيضا تحته، فأما على سبيل القصر عليه فبعيد.


الصفحة التالية
Icon