وقد أخبر سبحانه في كتابه أنه ناداه وناجاه فالنداء من بعد والنجاء من قرب تقول العرب : إذا كبرت الحلقة فهو نداء أو نجاء وقال له أبوه آدم في محاجته " أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده ؟ " وكذلك يقوله له أهل الموقف إذا طلبوا منه الشفاعة إلى ربه وكذلك في حديث الإسراء في رؤية موسى في السماء السادسة أو السابعة على اختلاف الرواية قال :" وذلك بتفضيله بكلام الله " ولو كان التكليم الذي حصل له من جنس ما حصل لغيره من الأنبياء لم يكن لهذا التخصيص به في هذه الأحاديث معنى ولا كان يسمى ( كليم الرحمن ) وقال تعالى ٤٢ : ٥١ ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُول﴾
فيوحي بإذنه ما يشاء ففرق بين تكليم الوحي والتكليم بإرسال الرسول والتكليم من وراء حجاب.
فصل
المرتبة الثانية : مرتبة الوحي المختص بالأنبياء قال الله تعالى ٤ : ١٢٦ ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِه﴾
وقال : ٤٢ : ٥١ ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب﴾
الآية فجعل الوحي في هذه الآية قسما من أقسام التكليم وجعله في آية النساء قسيما للتكليم وذلك باعتبارين فإنه قسيم التكليم الخاص الذي هو بلا واسطة وقسم من التكليم العام الذي هو إيصال المعنى بطرق متعددة.
والوحي في اللغة : هو الإعلام السريع الخفي ويقال في فعله : وَحَى وأوحى قال رؤية وَحَى لها القرار فاستقرت وهو أقسام كما سنذكره.
فصل
المرتبة الثالثة : إرسال الرسول الملكي إلى الرسول البشري فيوحى إليه عن الله ما أمره أن يوصله إليه.
فهذه المراتب الثلاث خاصة بالأنبياء لا تكون لغيرهم.