ثم هذا الرسول الملكي قد يتمثل للرسول البشرى رجلا يراه عيانا ويخاطبه وقد يراه على صورته التي خلق عليها وقد يدخل فيه الملك ويوحى إليه ما يوحيه ثم يفصم عنه أي يقلع والثلاثة حصلت لنبينا صلى الله عليه وسلم.
فصل
المرتبة الرابعة : مرتبة التحديث وهذه دون مرتبة الوحي الخاص وتكون دون مرتبة الصديقين كما كانت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه كما قال النبي ﷺ :" إنه كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في هذه الأمة فعمر بن الخطاب ".
وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه الله يقول : جزم بأنهم كائنون في الأمم قبلنا وعلق وجودهم في هذه الأمة ب ( إن ) الشرطية مع أنها أفضل الأمم لاحتياج الأمم قبلنا إليهم واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته فلم يحوج الله الأمة بعده إلى محدث ولا ملهم ولا صاحب كشف ولا منام فهذا التعليق لكمال الأمة واستغنائها لا لنقصها.
والمحدّث : هو الذي يحدث في سره وقلبه بالشيء فيكون كما يحدث به.
قال شيخنا : والصديق أكمل من المحدث لأنه استغنى بكمال صديقيته
ومتابعته عن التحديث والإلهام والكشف فإنه قد سلم قلبه كله وسره وظاهره وباطنه للرسول فاستغنى به عما منه.
قال : وكان هذا المحدث يعرض ما يحدث به على ما جاء به الرسول فإن وافقه قبله وإلا رده فعلم أن مرتبة الصديقية فوق مرتبة التحديث.