و " العبادة " تجمع أصلين : غاية الحب بغاية الذل والخضوع والعرب تقول : طريق معبد أي مذلل والتعبد : التذلل والخضوع فمن أحببته ولم تكن خاضعا له لم تكن عابدا له ومن خضعت له بلا محبة لم تكن عابدا له حتى تكون محبا خاضعا ومن ههنا كان المنكرون محبة العباد لربهم منكرين حقيقة العبودية والمنكرون لكونه محبوبا لهم بل هو غاية مطلوبهم ووجهه الأعلى نهاية بغيتهم منكرين لكونه إلها وإن أقروا بكونه ربا للعالمين وخالقا لهم فهذا غاية توحيدهم وهو توحيد الربوبية الذي اعترف به مشركو العرب ولم يخرجوا به عن الشرك كما قال تعالى ٤٣ : ٨٧ ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾
وقال تعالى ٣٩ : ٣٨ ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾
٢٢ : ٨٤ ٨٩ ﴿قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا﴾
إلى قوله ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾
ولهذا يحتج عليهم به على توحيد إلهيته وأنه لا ينبغي أن يعبد غيره كما أنه لا خالق غيره ولا رب سواه.
و" الإستعانة " تجمع أصلين : الثقة بالله والإعتماد عليه فإن العبد قد يثق بالواحد من الناس ولا يعتمد عليه في أموره مع ثقته به لإستغنائه عنه وقد يعتمد عليه مع عدم ثقته به لحاجته إليه ولعدم من يقوم مقامه فيحتاج إلى اعتماده عليه مع أنه غير واثق به.
و" التوكل " معنى يلتئم من أصلين : من الثقة والإعتماد وهو حقيقة ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
وهذان الأصلان وهما التوكل والعبادة قد ذكرا في القرآن في عدة مواضع قرن بينهما فيها هذا أحدها.
الثاني : قول شعيب ١١ : ٨٨ ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾.
الثالث : قوله تعالى ١٠ : ١٢٣ ﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾.