الرابع : قوله تعالى حكاية عن المؤمنين ٦٠ : ٤ ﴿رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾.
الخامس : قوله تعالى ٧٣ : ٨ ٩ ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً، رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾.
السادس : قوله تعالى ٤٣ : ١٠ ﴿قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾.
فهذه ستة مواضع يجمع فيها بين الأصلين وهما ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
وتقديم ( العبادة ) على ( الإستعانة ) في الفاتحة من باب تقديم الغايات على الوسائل إذ العبادة غاية العباد التي خلقوا لها ( والإستعانة ) وسيلة إليها
ولأن ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾
متعلق بألوهيته واسمه ( الله ) ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
متعلق بربوبيته واسمه ( الرب ) فقدم ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾
على ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
كما قدم اسم ( الله ) على ( الرب ) في أول السورة ولأن ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾
قسم الرب فكان من الشطر الأول الذي هو ثناء على الله تعالى لكونه أولى به ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
قسم العبد فكان من الشطر الذي له وهو ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾
إلى آخر السورة.
ولأن " العبادة " المطلقة : تتضمن " الإستعانة " من غير عكس فكل عابد لله عبودية تامة : مستعين به ولا ينعكس لأن صاحب الأغراض والشهوات قد يستعين به على شهواته فكانت العبادة أكمل وأتم ولهذا كانت قسم الرب.
ولأن " الإستعانة " جزء من " العبادة " من غير عكس ولأن " الإستعانة " طلب منه والعبادة طلب له.
ولأن " العبادة " لا تكون إلا من مخلص و" الإستعانة " تكون من مخلص ومن غير مخلص.
ولأن " العبادة " حقه الذي أوجبه عليك و" الإستعانة " طلب العون على العبادة وهو بيان صدقته التي تصدق بها عليك وأداء حقه : أهم من التعرض لصدقته.


الصفحة التالية
Icon