ورحمته بسبب خلق الدار الآخرة.
وإلى ههنا تم ما يحتاج إليه في معرفة الربوبية.
أما قوله :﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾
إلى آخر السورة فهو إشارة إلى الأمور التي لا بدّ من معرفتها في تقرير العبودية، وهي محصورة في نوعين : الأعمال التي يأتي بها العبد، والآثار المتفرعة على تلك الأعمال : أما الأعمال التي يأتي بها العبد فلها ركنان : أحدهما : إتيانه بالعبادة وإليه الإشارة بقوله :﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾.
والثاني : علمه بأن لا يمكنه الإتيان بها إلا بإعانة الله وإليه الإشارة بقوله :﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
وههنا ينفتح البحر الواسع في الجبر والقدر، وأما الآثار المتفرعة على تلك الأعمال فهي حصول الهداية والانكشاف والتجلي، وإليه الإشارة بقوله :﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾
ثم إن أهل العالم ثلاث طوائف : الطائفة الأولى : الكاملون المحقون المخلصون، وهم الذين جمعوا بين معرفة الحق لذاته، ومعرفة الخير لأجل العمل به، وإليهم الإشارة بقوله :﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾.
والطائفة الثانية : الذين أخلوا بالأعمال الصالحة، وهم الفسقة وإليهم الإشارة بقوله :﴿غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِمْ﴾.
والطائفة الثالثة : الذين أخلوا بالاعتقادات الصحيحة، وهم أهل البدع والكفر، وإليهم الإشارة بقوله :﴿وَلاَ الضالين﴾.