الحجة الخامسة : الحديث المشهور، وهو أنه سبحانه وتعالى قال :" قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين يقول الله تعالى : حمدني عبدي، إلى آخر الحديث، وجه الاستدلال أنه تعالى حكم على كل صلاة بكونها بينه وبين العبد نصفين ثم بين أن هذا التنصيف لم يحصل إلا بسبب آيات هذه السورة، فنقول : الصلاة لا تنفك عن هذا التنصيف، وهذا التنصيف لا يحصل إلا بسبب هذه السورة، ولازم اللازم لازم، فوجب كون هذه السورة من لوازم الصلاة، وهذا اللزوم لا يحصل إلا إذا قلنا قراءة الفاتحة شرط لصحة الصلاة.
الحجة السادسة : قوله عليه الصلاة والسلام :" لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " قالوا : حرف النفي دخل على الصلاة، وذلك غير ممكن، فلا بدّ من صرفه إلى حكم من أحكام الصلاة، وليس صرفه إلى الصحة أولى من صرفه إلى الكمال، والجواب من وجوه : الأول : أنه جاء في بعض الروايات : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وعلى هذه الرواية فالنفي ما دخل على الصلاة وإنما دخل على حصولها للرجل، وحصولها للرجل عبارة عن انتفاعه بها، وخروجه عن عهدة للتكليف بسببها، وعلى هذا التقدير فإنه يمكن إجراء النفي على ظاهره، الثاني : من اعتقد أن قراءة الفاتحة جزء من أجزاء ماهية الصلاة فعند عدم قراءة الفاتحة لا توجد ماهية الصلاة لأن الماهية يمتنع حصولها حال عدم بعض أجزائها، وإذا ثبت هذا فقولهم إنه لا يمكن إدخال حرف النفي على مسمى الصلاة إنما يصح لو ثبت أن الفاتحة ليست جزأ من الصلاة، وهذا هو أول المسألة، فثبت أن على قولنا يمكن إجراء هذا اللفظ على ظاهره.
الثالث : هب أنه لا يمكن إجراء هذا اللفظ على ظاهره، إلا أنهم أجمعوا على أنه متى تعذر العمل بالحقيقة وحصل للحقيقة مجازان : أحدهما : أقرب إلى الحقيقة.