والثاني : أبعد فإنه يجب حمل اللفظ على المجاز الأقرب، إذا ثبت هذا فنقول : المشابهة بين المعدوم وبين الموجود الذي لا يكون صحيحاً أتم من المشابهة بين المعدوم وبين الموجود الذي يكون صحيحاً لكنه لا يكون كاملاً، فكان حمل اللفظ على نفي الصحة أولى.
الوجه الرابع : أن الحمل على نفي الصحة أولى لوجوه : أحدها : أن الأصل إبقاء ما كان على ما كان، والثاني : أن جانب الحرمة راجح، والثالث : أن هذا أحوط.
الحجة السابعة : عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال :" كل صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، غير تمام، " قالوا : الخداج هو النقصان، وذلك لا يدل على عدم الجواز، قلنا : بل هذا يدل على عدم الجواز ؛ لأن التكليف بالصلاة قائم، والأصل في الثابت البقاء، خالفنا هذا الأصل عند الإتيان بالصلاة على صفة الكمال، فعند الإتيان بها على سبيل النقصان وجب أن لا نخرج عن العهدة، والذي يقوي هذا أن عند أبي حنيفة يصح الصوم في يوم العيد إلا أنه لو صام يوم العيد قضاء عن رمضان لم يصح، قال : لأن الواجب عليه هو الصوم الكامل، والصوم في هذا اليوم ناقص، فوجب أن لا يفيد هذا القضاء الخروج عن العهدة، وإذا ثبت هذا فنقول : فلم لم يقل بمثل هذا الكلام في هذا المقام.
الحجة الثامنة : نقل الشيخ أبو حامد في " تعليقه " عن ابن المنذر أنه روى بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :
" لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ".