الحجة الرابعة عشرة : أنه تعالى متقدم بالوجود على وجود سائر الموجودات ؛ لأنه تعالى قديم وخالق وغيره محدث ومخلوق، والقديم الخالق يجب أن يكون سابقاً على المحدث المخلوق، وإذا ثبت أنه تعالى سابق على غيره وجب بحكم المناسبة العقلية أن يكون ذكره سابقاً على ذكر غيره، وهذا السبق في الذكر لا يحصل إلا إذا كان قراءة بسم الله الرحمن الرحيم سابقة على سائر الأذكار والقراءات، وإذا ثبت أن القول بوجوب هذا التقدم حسن في العقول وجب أن يكون معتبراً في الشرع لقوله عليه الصلاة والسلام :" ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وإذا ثبت وجوب القراءة ثبت أيضاً أنها آية من الفاتحة، لأنه لا قائل بالفرق.
الحجة الخامسة عشرة : أن بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أنه من القرآن في سورة النمل ثم إنا نراه مكرراً بخط القرآن، فوجب أن يكون من القرآن كما أنا لما رأينا قوله تعالى :﴿فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ﴾
[ الرحمن : ١٣ ] وقوله تعالى :
﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ﴾
[ المرسلات : ١٠ ] مكرراً في القرآن بخط واحد وصورة واحدة، قلنا : إن الكل من القرآن.
الحجة السادسة عشرة : روي أنه ﷺ كان يكتب في أول الأمر على رسم قريش " باسمك اللهم " حتى نزل قوله تعالى :﴿اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾
[ هود : ٤١ ] فكتب " بسم الله " فنزل قوله :﴿قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن﴾
[ الإسراء : ١١٠ ] فكتب " بسم الله الرحمن " فلما نزل قوله تعالى ﴿إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم﴾
[ النحل : ٣٠ ] كتب مثلها، وجه الاستدلال أن أجزاء هذه الكلمة كلها من القرآن، ومجموعها من القرآن، ثم إنه ثبت في القرآن فوجب الجزم بأنه من القرآن، إذ لو جاز إخراجه من القرآن مع هذه الموجبات الكثيرة ومع الشهرة لجاز إخراج سائر الآيات كذلك، وذلك يوجب الطعن في القرآن.


الصفحة التالية
Icon