الحجة الثالثة : لو كان قوله بسم الله الرحمن الرحيم آية من هذه السورة : لزم التكرار في قوله الرحمن الرحيم، وذلك بخلاف الدليل.
والجواب عن الحجة الأولى من وجوه : الأول : أنا نقلنا أن الشيخ أبا إسحق الثعلبي روى بإسناده أن النبي ﷺ لما ذكر هذا الحديث عد بسم الله الرحمن الرحيم آية تامة من سورة الفاتحة، ولما تعارضت الروايتان فالترجيح معنا، لأن رواية الإثبات مقدمة على رواية النفي.
الثاني : روى أبو داود السختياني عن النخعي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال : وإذا قال العبد مالك يوم الدين يقول الله تعالى مجدني عبدي وهو بيني وبين عبدي، إذا عرفت هذا فنقول : قوله في مالك يوم الدين هذا بيني وبين عبدي، يعني في القسمة، وإنما يكون كذلك إذا حصلت ثلاثة قبلها وثلاثة بعدها، وإنما يحصل ثلاثة قبلها لو كانت التسمية آية من الفاتحة فصار هذا الخبر حجة لنا من هذا الوجه.
الثالث : أن لفظ النصف كما يحتمل النصف في عدد الآيات فهو أيضاً يحتمل النصف في المعنى، قال عليه الصلاة والسلام : الفرائض نصف العلم، وسماه بالنصف من حيث أنه بحث عن أحوال الأموات، والموت والحياة قسمان، وقال شريح : أصبحت ونصف الناس علي غضبان، سماه نصفاً من حيث إن بعضهم راضون وبعضهم ساخطون، الرابع : إن دلائلنا في أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة صريحة، وهذا الخبر الذي تمكسوا به ليس المقصود منه بيان أن بسم الله الرحمن الرحيم هل هي من الفاتحة أم لا، لكن المقصود منه بيان شيء آخر، فكانت دلائلنا أقوى وأظهر.
الخامس : أنا بينا أن قولنا أقرب إلى الاحتياط.


الصفحة التالية
Icon