على صورة الإخبارِ من الفخامة وتأكيدِ وجوبِ الامتثال به والدِلالةِ على الاعتناء بشأنه ما لا مزيدَ عليه، وهو خطابٌ يعُمّ حكمُه المكلّفين قاطبة كما أن الأماناتِ تعمُّ جميعَ الحقوقِ المتعلقةِ بذمهم من حقوق الله تعالى وحقوقِ العبادِ سواءٌ كانت فعليةً أو قوليةً إو اعتقاديةً وإن ورد في شأن عثمانَ بنِ طلحةَ بنِ عبدِ الدارِ سادنِ الكعبةِ المعظمةِ وذلك أن رسولَ الله ﷺ حين دخل مكةَ يوم الفتح أغلق عثمانُ رضي الله عنه بابَ الكعبةِ وصعِدَ السطحَ وأبى أن يدفعَ المِفتاحَ إليه وقال : لو علمت أنه رسولُ الله لم أمنعْه فلوى علي بنُ أبي طالبٍ يدَه وأخذه منه وفتح ودخل النبيُّ ﷺ وصلى ركعتين فلما خرج سأله العباسُ أن يُعطِيَه المفتاحَ ويجمعَ له السِقاية والسِدانة فنزلت فأمر علياً أن يُردَّه إلى عثمانَ ويعتذرَ إليه فقال عثمان لعليّ : أكرهتَ وآذيتَ ثم جئت ترفو فقال : لقد أنزل الله تعالى في شأنك قرآناً فقرأ عليه الآية فقال عثمانُ : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فهبَط جبريلُ عليه الصلاة والسلام وأخبر رسولَ الله ﷺ أن السِّدانةَ في أولاد عثمانَ أبداً.
وقرىء الأمانةَ على التوحيد والمرادُ الجنسُ لا المعهودُ، وقيل : هو أمرٌ للولاة بأداء الحقوقِ المتعلقةِ بذمهم من المناصب وغيرِها إلى مستحقيها كما أن قوله تعالى :﴿ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ الناس أَن تَحْكُمُواْ بالعدل ﴾ أمرٌ لهم بإيصال الحقوقِ المتعلقةِ بذمم الغيرِ إلى أصحابها. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ١٩٢﴾


الصفحة التالية
Icon