والله تعالى عالم بكل هذه الأحوال فيكون عالما بكونه محالا، والعالم بكون الشيء محالا لا يكون مريداً له، فثبت أنه تعالى غير مريد للإيمان من أبي لهب وقد أمره بالإيمان فثبت أن الأمر قد يوجد بدون الإرادة، وإذا ثبت هذا وجب القطع بأن طاعة الله عبارة عن موافقة أمره لا عن موافقة إرادته، وأما المعتزلة فقد احتجوا على أن الطاعة اسم لموافقة الإرادة بقول الشاعر :
رب من أنضجت غيظا صدره.. قد تمنى لي موتاً لم يطع
رتب الطاعة على التمني وهو من جنس الارادة.
والجواب : أن العاقل عالم بأن الدليل القاطع الذي ذكرناه لا يليق معارضته بمثل هذه الحجة الركيكة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١١٥﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن هذه الآية آية شريفة مشتملة على أكثر علم أصول الفقه، وذلك لأن الفقهاء زعموا أن أصول الشريعة أربع : الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وهذه الآية مشتملة على تقرير هذه الأصول الأربعة بهذا الترتيب.
أما الكتاب والسنة فقد وقعت الإشارة إليهما بقوله :﴿أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول ﴾.
فإن قيل : أليس أن طاعة الرسول هي طاعة الله، فما معنى هذا العطف ؟
قلنا : قال القاضي : الفائدة في ذلك بيان الدلالتين، فالكتاب يدل على أمر الله، ثم نعلم منه أمر الرسول لا محالة، والسنة تدل على أمر الرسول، ثم نعلم منه أمر الله لا محالة، فثبت بما ذكرنا أن قوله :﴿أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول﴾ يدل على وجوب متابعة الكتاب والسنة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١١٥﴾

فصل


قال القرطبى :
قال سهل بن عبد الله التُّسْتَري : أطيعوا السلطان في سبعة : ضرب الدراهم والدنانير، والمكاييل والأوزان، والأحكام والحج والجمعة والعيدين والجهاد.


الصفحة التالية
Icon