قال سهل : وإذا نهى السلطان العالِمَ أن يُفتي فَليس له أن يفتَى ؛ فإن أفتى فهو عاصٍ وإن كان أميرا جائرا.
وقال ابن خُوَيْزِ مَنْدَاد : وأما طاعة السلطان فتجب فيما كان لله فيه طاعة، ولا تجب فيما كان لله فيه معصية ؛ ولذلك قلنا : إن ولاة زماننا لا تجوز طاعتهم ولا معاونتهم ولا تعظيمهم، ويجب الغزو معهم متى غَزَوْا، والحُكْمُ من قبلهم وتولية الإمامة والحسبة، وإقامة ذلك على وجه الشريعة.
وإن صلّوا بنا وكانوا فسقة من جهة المعاصي جازت الصلاة معهم، وإن كانوا مُبتدِعة لم تجز الصلاة معهم إلاّ أن يُخافوا فيصلّى معهم تَقيّة وتعاد الصلاة.
قلت : رُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : حقٌ على الإمام أن يحكم بالعدل، ويؤدّي الأمانة ؛ فإذا فعل ذلك وجب على المسلمين أن يطيعوه ؛ لأن الله تعالى أمرنا بأداء الأمانة والعدل، ثم أمر بطاعته.
وقال جابر بن عبد الله ومجاهد :﴿ وَأُوْلِي الأمر ﴾ أهل القرآن والعلم ؛ وهو اختيار مالك رحمه الله، ونحوُه قولُ الضحاك قال : يعني الفقهاء والعلماء في الدين.
وحكي عن مُجاهد أنهم أصحاب محمد ﷺ خاصّة.
وحكي عن عكرمة أنها إشارة إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما خاصّة.
وروى سفيان بن عُيينة عن الحكم بن أَبَان أنه سأل عكرمة عن أمهات الأولاد فقال : هن حرائر.
فقلت بأي شيء ؟ قال بالقرآن.
قلت : بأي شيء في القرآن ؟ قال قال الله تعالى :﴿ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِي الأمر مِنْكُمْ ﴾ وكان عمر من أولي الأمر ؛ قال : عَتقت ولو بسقْط.
وسيأتي هذا المعنى مُبَيَّناً في سورة "الحَشْر" عند قوله تعالى :﴿ وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا ﴾ [ الحشر : ٧ ] وقال ابن كَيْسان : هم أولو العقل والرأي الذين يدبّرون أمر الناس.