قلت : وأصح هذه الأقوال الأوّلُ والثاني ؛ أما الأوّل فلأن أصل الأمر منهم والحكم إليهم.
وروى الصحيحان عن ابن عباس قال : نزل ﴿ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِي الأمر مِنْكُمْ ﴾ في عبد الله بن حُذافة بن قيس بن عَدِي السَّهْمي إذ بعثه النبي ﷺ في سَرِيّة.
قال أبو عمر : وكان في عبد الله بن حذافة دُعابةٌ معروفة ؛ ومن دعابته أن رسول الله ﷺ أمّره على سَرِيّة فأمرهم أن يجمعوا حطبا ويوقدوا نارا فلما أوقدوها أمرهم بالتقحُّم فيها، فقال لهم : ألم يأمركم رسول الله ﷺ بطاعتي ؟ ! وقال :" من أطاع أميري فقد أطاعني " فقالوا : ما آمَّنا بالله واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار! فصوّب رسول الله ﷺ فعلهم وقال :" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " قال الله تعالى :﴿ وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [ النساء : ٢٩ ] وهو حديث صحيح الإسناد مشهور.
وروى محمد بن عمرو بن علقمة عن عمر بن الحكم ابن ثَوْبان أن أبا سعيد الخُدْرِي قال : كان عبد الله بن حذافة بن قيس السَّهْمِي من أصحاب بَدْر وكانت فيه دُعابة وذكر الزبير قال : حدّثني عبد الجبار بن سعيد عن عبد الله بن وهب عن الّليث بن سعد قال : بلغني أنه حلّ حزام راحلة رسول الله ﷺ في بعض أسفاره، حتى كاد رسول الله ﷺ يقع.
قال ابن وهب : فقلت لليث ليُضْحِكه ؟ قال : نعم كانت فيه دُعابة.
قال ميمون بن مَهران ومقاتل والكلبي :"أُولُو الأَمْرِ" أصحاب السّرايا.
وأما القول الثاني فيدّل على صحته قوله تعالى :﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول ﴾.