فأمر تعالى بردّ المتنازَع فيه إلى كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، وليس لغير العلماء معرفة كيفية الردّ إلى الكتاب والسنة ؛ ويدل هذا على صحة كون سؤال العلماء واجبا، وامتثال فتواهم لازما.
قال سهل بن عبد الله رحمه الله : لا يزال الناس بخير ما عظّموا السلطان والعلماء ؛ فإذا عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإذا استخفوا بهذين أفسَد دنياهم وأخراهم.
وأما القول الثالث فخاص، وأخص منه القول الرابع.
وأما الخامس فيأباه ظاهر اللفظ وإن كان المعنى صحيحاً، فإن العقل لكل فضيلة أُسّ، ولكل أدب ينبوع، وهو الذي جعله الله للدّين أصلا وللدنيا عماداً، فأوجب الله التكليف بكماله، وجعل الدنيا مدَبَّرة بأحكامه ؛ والعاقل أقرب إلى ربه تعالى من جميع المجتهدين بغير عقل.
وروي هذا المعنى عن ابن عباس.
وزعم قوم أن المراد بأولي الأمر عليّ والأئمة المعصومون.
ولو كان كذلك ما كان لقوله :﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول ﴾ معنىً، بل كان يقول فردّوه إلى الإمام وأولي الأمر، فإن قوله عند هؤلاء هو المحكم على الكتاب والسنة.
وهذا قول مهجور مخالف لما عليه الجمهور.
وحقيقة الطاعة امتثال الأمر، كما أن المعصية ضدّها وهي مخالفة الأمر.
والطاعة مأخوذة من أطاع إذا انقاد، والمعصية مأخوذة من عصى إذا اشتدّ.
و"أولو" واحدهم "ذو" على غير قياس كالنساء والإبل والخيل، كلّ واحد اسمُ الجمع ولا واحد له من لفظه.
وقد قيل في واحد الخيل : خائل وقد تقدّم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٥٩ ـ ٢٦١﴾.