والثاني : المراد أمراء السرايا، قال سعيد بن جبير : نزلت هذه الآية في عبد الله بن حذافة السهمي إذ بعثه النبي ﷺ أميراً على سرية.
وعن ابن عباس أنها نزلت في خالد بن الوليد بعثه النبي ﷺ أميرا على سرية وفيها عمار بن ياسر، فجرى بينهما اختلاف في شيء، فنزلت هذه الآية وأمر بطاعة أولي الأمر.
وثالثها : المراد العلماء الذين يفتون في الأحكام الشرعية ويعلمون الناس دينهم، وهذا رواية الثعلبي عن ابن عباس وقول الحسن ومجاهد والضحاك.
ورابعها : نقل عن الروافض أن المراد به الأئمة المعصومون، ولما كانت أقوال الأمة في تفسير هذه الآية محصورة في هذه الوجوه، وكان القول الذي نصرتموه خارجا عنها كان ذلك بإجماع الأمة باطلا.
السؤال الثاني : أن نقول : حمل أولي الأمر على الأمراء والسلاطين أولى مما ذكرتم.
ويدل عليه وجوه :
الأول : أن الأمراء والسلاطين أوامرهم نافذة على الخلق، فهم في الحقيقة أولو الأمر أما أهل الإجماع فليس لهم أمر نافذ على الخلق، فكان حمل اللفظ على الأمراء والسلاطين أولى.
والثاني : أن أول الآية وآخرها يناسب ما ذكرناه، أما أول الآية فهو أنه تعالى أمر الحكام بأداء الأمانات وبرعاية العدل، وأما آخر الآية فهو أنه تعالى أمر بالرد إلى الكتاب والسنة فيما أشكل، وهذا إنما يليق بالأمراء لا بأهل الإجماع.
الثالث : أن النبي ﷺ بالغ في الترغيب في طاعة الأمراء، فقال :" من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني " فهذا ما يمكن ذكره من السؤال على الاستدلال الذي ذكرناه.