وفي بعض الآثار أن الزبير وصاحبه لما خرجا بعد الحكم من رسول الله ﷺ مرا على المقداد فقال : لمن القضاء ؟ فقال الأنصاري : لابن عمته ولوى شدقه ففطن يهودي كان مع المقداد فقال : قاتل الله تعالى هؤلاء يشهدون أنه رسول الله ويتهمونه في قضاء يقضى بينهم وأيم الله تعالى لقد أذنبنا ذنباً مرة في حياة موسى عليه السلام فدعانا إلى التوبة منه، وقال : اقتلوا أنفسكم ففعلنا فبلغ قتلانا سبعين ألفاً في طاعة ربنا حتى رضي عنا ؛ فقال ثابت بن قيس : أما والله إن الله تعالى ليعلم مني الصدق لو أمرني محمد ﷺ أن أقتل نفسي لقتلتها، وروي أن قائل ذلك هو وابن مسعود وعمار بن ياسر، وأنه بلغ رسول الله ﷺ عنهم فقال :" والذي نفسي بيده إن من أمتي رجالاً الإيمان في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي وإن الآية نزلت فيهم "، وفي رواية البغوي الاقتصار على ثابت بن قيس، وعلى هذا الأثر وجه مناسبة ذكر هذه الآية مما لا يخفى، وكأنه لذلك قال صاحب "الكشاف" في معناها :"لو أوجبنا عليهم مثل ما أوجبنا على بني إسرائيل من قتلهم أنفسهم، أو خروجهم من ديارهم حين استتيبوا من عبادة العجل ما فعلوه إلا قليل"، وقال بعضهم : إن المراد أننا قد حففنا عليهم حيث اكتفينا منهم في توبتهم بتحكيمك والتسليم له ولو جعلنا توبتهم كتوبة بني إسرائيل لم يتوبوا، والذي يفهم من فحوى الأخبار المعول عليها أن هذه الكتابة لا تعلق لها بالاستتابة، ولعل المراد من ذكر ذلك مجرد التنبيه على قصور كثير من الناس ووهن إسلامهم إثر بيان أنه لا يتم إيمانهم إلا بأن يسلموا حق التسليم، وظاهر ما ذكره الزمخشري من أن بني إسرائيل أمروا بالخروج حين استتيبوا مما لا يكاد يصح إذا أريد بالديار الديار المصرية لأن الاستتابة من عبادة العجل